و معنى ذلك [2] الحديث و سابقه- و اللّه سبحانه أعلم- أنّ من أضرّ في الطريق على أحد بشيء فهو له ضامن، على أن تكون لفظتا (الباء) و (من) بمعنى (في) و يكون المجرور متعلقا بقوله: (أضرّ) و يكون (الطريق) ظرفا للإضرار.
و يحتمل أن يكون ظرفا للشيء، و يكون المجرور متعلقا بمحذوف، و يكون المعنى: من أضرّ شيئا كائنا في طريق المسلمين، أو بشيء كائن فيه، فهو له ضامن، و مآل المعنيين واحد.
و يمكن أن يكون المجرور بيانا للشيء، و تكون (الباء) في الحديث السابق أيضا بمعنى (من) و يكون المعنى: من أضرّ بشيء من الطريق، بأن ينصب فيه ميزابا، أو حفر فيه بئرا، أو وضع فيه حجرا، أو رشّ فيه ماءا، أو غير ذلك مما يوجب الضرر على المسلمين، فهو ضامن لما يتلف بسبب ذلك الضرر.
و الفرق بين ذلك [3] المعنى و سابقيه: أنّ هذا أخصّ منهما، لاختصاصه بما كان الضرر بسبب إحداث أمر في الطريق، و عمومهما.
و يؤيّد ذلك المعنى: ما رواه المشايخ الثلاثة بإسنادهم عن الحلبي، و فيه:
«كل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه» [4].
و يمكن أن يكون المراد هو الأخير، و لكن يكون معنى قوله: «هو ضامن» أنّه ضامن لما أضرّ به من الطريق، لا لما تلف لأجل ذلك. و لكن ذلك بعيد، لعدم استعمال الضمان في مثل ذلك، بل عدم صحة إطلاقه، و مخالف لما فهمه جميع