الفاتحة الثانية إذا أُطلق الجرح و التعديل في كلام علماء الرجال
من دون ذكر سبب لأحدهما قيل: قبل مطلقاً، و قيل: لم يقبل كذلك، و قيل: يقبل في التعديل دون الجرح، و قيل بالعكس، و قال العلّامة فيما حكي عنه: قبل إذا كانا عالمين بالأسباب، و عن الشهيد الثاني و السيّد عميد الدين القبول مع العلم بالموافقة فيما يتحقَّق به الجرح و التعديل، و هو مختار جدي الفاضل القمّي أعلى اللّه مقامه [1].
أقول: إن علمنا مراد المعدِّل و الجارح بقوله: فلان ثقة أو ضعيف، فالحقّ قبول قوله مطلقاً فيما اصطلح عليه من التوثيق و التضعيف، لا مطلق الوثاقة و الضعف، لأنَّ كلام كلّ قوم يحمل على اصطلاحه، و الدَّليل على ذلك قوله تعالى إِنْ جٰاءَكُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا فإنَّ مفهومه قبول خبر العادل من دون تبيّن، فإنّا بعد ما علمنا من كلام الشيخ في العدَّة أنَّ مراده من العدالة بالنسبة إلى الراوي هو كونه متحرّزاً عن الكذب و إن كان فاسقاً بأفعال الجوارح، حملنا قوله في رجاله أو في فهرسته: فلان ثقة، على كونه متحرّزاً عن الكذب لأعلى الزائد عليه، و لا يشترط علمنا [بكونه عالماً بأسباب الجرح و التعديل بعد ما ثبت عندنا عدالته، و كذا لا يشترط علمنا] [2] بالموافقة لكوننا متعبّدين بقبول قوله، و من هذا يعلم عدم الحاجة إلى التقييد بالقيدين في القولين الآخرين.