التوبة في قلبك و اكمش في فراغك قبل أن يقصد قصدك و يقضى قضاؤك و يحال بينك و بين ما تريد.
[الحديث الحادي و العشرون]
21- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: فيما ناجى اللّه عزّ و جلّ به موسى (عليه السلام) يا موسى لا تركن إلى الدّنيا ركون الظالمين و ركون من اتّخذها أبا و أمّا يا موسى لو وكلتك إلى نفسك لتنظر لها إذا لغلب عليك حبّ الدّنيا و زهرتها، يا موسى نافس في الخير أهله و استبقهم إليه، فإنّ الخير كاسمه و اترك من الدّنيا ما بك الغنى عنه و لا تنظّر
(و تعرض لمعروف ربك)
(1) و هو ما أراد منك، أو أجره فى الآخرة، او ما يفضيه على أهل العرفان
(و جدد التوبة فى قلبك)
(2) اشارة الى أن التوبة أمر قلبى و هى الندامة عما مضى و العزم على عدم الاتيان بمثله، و الى رجحان تجديد التوبة بعد التوبة لان السالك لا بد أن يكون فى ندامة بعد ندامة دائما
(و اكمش فى فراغك)
(3) أى عجل و أسرع، أو تشمر وجد فى فراغك عما يوجب الغر و الخذلان لما يوجب العز و الاحسان.
(قبل ان يقصد قصدك)
(4) أى نحوك يقال قصدت قصده أى نحوه
(و يقضى قضاؤك)
(5) أى موتك، أو سوء خاتمتك.
(و يحال بينك و بين ما تريد)
(6) من التوبة و الطاعات و الاخلاق النافعة بعد الموت أو الرجعة الى الدنيا و تمنيها بعده لتحصيل ما ينفع فى الآخرة عند مشاهدة كرامة الاولياء و شقاوة الاشقياء، أو تأخير الاجل عند الاحتضار فتقول «رَبِّ لَوْ لٰا أَخَّرْتَنِي إِلىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ مِنَ الصّٰالِحِينَ» و العاقل ينبغى أن يتصور أنه طلب الرجعة فرجع و يسعى فى طلب الخيرات فى كل زمان بقدر الامكان و يحفظ نفسه عن الغفلة و النسيان و اللّه هو المستعان.
قوله: (يا موسى لا تركن الى الدنيا ركون الظالمين)
(7) اريد بالظالمين أهل الدنيا مثل سلاطين الجور و اتباعهم و من يحذو حذوهم فى الركون إليها.
(و ركون من اتخذها أبا و اما)
(8) شبه الدنيا بالاب و الام و أهلها بالاطفال فى الركون إليها و الانس بها
(يا موسى لو وكلتك الى نفسك لتنظر لها)
(9) أراد بالنظر لها نظر ميل و إرادة و اما النظر إليها نظر تفكر و عبرة فهو يوجب الاعراض عنها.
(يا موسى نافس فى الخير أهله)
(10) نافست فى الشيء منافسة و نفاسا اذا رغبت فيه على وجه المبارات و المغالبة
(و اترك من الدنيا ما بك الغنى عنه)
(11) اما ما لا غنى عنه من الضروريات اللائقة شرعا و عقلا فلا ينبغى تركه
(و لا تغبطن أحدا برضى الناس عنه حتى تعلم أن اللّه راض عنه)
(12) دل على عدم جواز الغبطة فى أمر الدنيا الغير الضرورى و على جوازها فى أمر الدين