responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الكافي نویسنده : المازندراني، الملا صالح    جلد : 8  صفحه : 348

..........


و يتحرج من كثرة الاكل كما يتحرج من الميتة التى قد اشتد نتنها و يتحرج من حطام الدنيا و زينتها كما يتجنب النار أن يغشاها و أن يقصر أمله و كان بين عينيه أجله. و روى عن أمير المؤمنين (ع) أن الزهد قصر الامل و تنقية القلب و أن لا يفرح بالثناء و لا يغتم بالذم و لا يأكل طعاما و لا يشرب شرابا و لا يلبس ثوبا حتى يعلم أن أصله طيب و أن لا يلتزم الكلام فيما لا يعنيه و أن لا يحسد على الدنيا و ان يحب العلم و العلماء و أن لا يطلب الرفعة و الشرف، و قال بعض العلماء أصل الزهد أربعة أشياء الحلم فى الغضب، و الجود فى القلة، و الورع فى الخلوة، و صدق القول عند من يخاف منه او يرجو- و قال بعض الاكابر ان الزهد ثلاثة أحرف زاى و هاء و دال فالزاى ترك الزينة، و الهاء ترك الهواء، و الدال ترك الدنيا و ينبغى أن يعلم أن الزهد فى الدنيا و الصبر و الشكر و التوبة و الخوف و الرجاء و المحبة و التوكل و الرضا و غيرها من الفضائل النفسانية و الخصائل الروحانية صفات للنفس و حالات لها حصولها تابع لحصول الحكمة أعنى العلم بالدين ثم ان حصول هذه الامور و رسوخها سبب لبقاء الحكمة و استقرارها و ثباتها و زيادتها كما قال (ع) «من زهد فى الدنيا أثبت اللّه الحكمة فى قلبه» من الاثبات بالثاء المثلثة أو بالنون فمن أعظم مكارم الصالحين و أجل صفات العارفين الزهد فى الدنيا و الرغبة فيما عند اللّه كما أن من اشنع صفات المنافقين و أقبح سمات الغافلين الرغبة فى الدنيا و الاعراض عما عند اللّه و عن أحوال الآخرة. و الاصل فى الاول العلم بأن الدنيا و لذاتها أمتعة باطلة زائلة. و الاصل فى الثانى الجهل بذهابها و فنائها و بثبات الآخرة و بقائها، قال اللّه تعالى فى وصف الفريقين «فَخَرَجَ عَلىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قٰالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيٰاةَ الدُّنْيٰا يٰا لَيْتَ لَنٰا مِثْلَ مٰا أُوتِيَ قٰارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. وَ قٰالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوٰابُ اللّٰهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صٰالِحاً وَ لٰا يُلَقّٰاهٰا إِلَّا الصّٰابِرُونَ» فانظر كيف نسب الرغبة فى الدنيا الى الجهال و الزهد الى العلماء و ذم الاولين غاية الذم و أثنى الآخرين نهاية الثناء، و قال لنبيه (ص) «وَ لٰا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلىٰ مٰا مَتَّعْنٰا بِهِ أَزْوٰاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقىٰ» و قال فى وصف الكفار «الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيٰاةَ الدُّنْيٰا عَلَى الْآخِرَةِ» و يفهم منه وصف المؤمنين و هو أنهم يستحبون الحياة الآخرة على الحياة الدنيا و قال فى وصف المؤمنين «فَمَنْ يُرِدِ اللّٰهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلٰامِ» و قد سئل رسول اللّه (ص) عن معنى هذا الشرح فقال «ان النور اذا دخل القلب انشرح له الصدر و انفتح، فقيل يا رسول اللّه هل لذلك علامة؟ قال نعم [1] التجافى عن دار الغرور و الانابة


[1] قوله «هل لذلك علامة قال نعم» أهل الدنيا لا يهتمون الا بها و هم غافلون عن الآخرة و جميع أفعالهم و حركاتهم و علومهم و هممهم و كل شيء منهم مصروفة الى الدنيا فيعتنون بسلامة بدنهم و لذات أجسامهم أكثر من الاعتناء بأخلاقهم و ملكاتهم و يختارون من العلوم ما يستفاد منها فى الحياة الدنيا كما يتعلق بالطب و الزراعة و التجارة و الصنائع الدنيوية لا الفقه و الاخلاق و الاعتقادات فى المبدأ و المعاد و السعيد عندهم من تهيأ له وسائل العيش لا من تخلق بالاخلاق الفاضلة و من حصل على جاه عريض و شهرة فائقة أشرف عندهم من الخامل المستريح من الناس المأمونين من أذاه و الرجل الخير من سهل للناس وسائل عيشهم الدنيوى كمخترعى الصنائع و علامة أهل الآخرة كما قال رسول اللّه (ص) «التجافى عن دار الغرور» و التباعد عما يهتم أهل الدنيا به و لما كان الحس من النعم التى أعطاها اللّه الانسان لمصلحة دنياه و هو متعلق بجوارحه البدنية كان أهم عند هؤلاء من العقل مع أن الحواس كلها و ما يتعلق بها من دار الغرور، أما الحواس الظاهرة فمعلوم أنها قوى فى جسم تتفرق و تتلاشى و أما الحواس الباطنة فمنها الحس المشترك و هو تابع للحواس الخمس الظاهرة، و أما الواهمة فهى قوة تحصل بها للحيوان مصاديق معان غير محسوسة بالحواس الظاهرة فيحب أولاده و يتنفر من عدوه، و مثل ذلك من حالات تعرض فى بدن الحيوان الّذي له عصب و دماغ، و أما الحافظة فاعتياد حاصل للاعصاب بكثرة الممارسة كاعتياد اللسان قراءة قصيدة. أو آية حفظها اذا شرع فيها جرى على لسانه الى آخرها و كاعتياد الكتابة فانها ملكة فى اعصاب اليد تحصل بالتمرين فيكتب الخط الحسن بأنواعه و كذلك تحصل مثل هذا الاعتياد فى الدماغ فيجدد صورة سبقت له مرة أو مرات و هو معنى التذكر. و المتخيلة كذلك جسمانية اذ يعرض لها بكثرة استعمالها لها الكلال و ليس عروض الكلال الا للجسم و انما يبقى العقل لعدم تعلقه بجسم و هو متجاف عن دار الغرور مع كل ما يتفرع عليه. (ش)

نام کتاب : شرح الكافي نویسنده : المازندراني، الملا صالح    جلد : 8  صفحه : 348
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست