السفينة بجؤجئها الجبل، قال: فقال نوح (عليه السلام) عند ذلك: يا ماري اتقن، و هو بالسريانيّة [يا] ربّ أصلح، قال: فظننت أنّ أبا الحسن (عليه السلام) عرّض بنفسه.
[الحديث الثالث عشر]
13- عنه، عن عدّة من أصحابه، عن عليّ بن أسباط، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن الرّضا (عليه السلام) قال: قال: التواضع أن تعطي النّاس ما تحبّ أن تعطاه.
و في حديث آخر قال: قلت: ما حدّ التواضع الّذي إذا فعله العبد كان متواضعا؟
فقال: التواضع درجات منها أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم. لا
تعالى أوجد فيها نفوسا مدركة حين الخطاب بعيد على ان الثانى لا ينافى القول بوجود النفوس لها و اللّه اعلم،
(فضربت السفينة بجؤجؤها الجبل)
(1) «اللام» فى الجبل للعهد اشارة الى الجبل الّذي هو الجودى. و الجؤجؤ كهدهد الصدر
(قال فظننت أن أبا الحسن (ع) عرض بنفسه)
(2) التعريض توجيه كلام الى جانب و إرادة جانب آخر تقول عرضت له و به اذا قلت قولا و أنت تعنيه فكأنك أشرت به الى جانب و تريد جانبا آخر لم تذكره فالتعريض خلاف التصريح و هو (ع) أشار الى تواضع الجودى، و ما بلغه من تواضعه و أراد به تواضع نفسه المقدسة باحتقارها فى ذبح الشاة فان فى ذبحها من اظهار العجز و الافتقار ما ليس فى ذبح البدنة.
قوله: (قال التواضع أن تعطى الناس ما تحب أن تعطاه)
(3) أى تحب لهم ما تحب لنفسك و تكره لهم ما تكره لنفسك و تجعل نفسك ميزانا بينك و بين غيرك فتريد لغيرك كل ما تريده لنفسك من الخيرات الدنيوية و الاخروية و لا تريد لغيرك كل ما لا تريد لنفسك من القبائح و الشرور و ذلك من أعظم أفراد التواضع و ذل النفس و صرفها عن هواها.
قوله: (فقال التواضع درجات)
(4) التواضع للّه و للخلق درجات باعتبار كمال النفس و نقصها و توسطها فمنها أن يعرف المرء قدر نفسه بالنسبة الى ربه و خالقه و رازقه و مدبره