بعده الكتب و العلم و السلاح «وَ إِذٰا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّٰاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ»الّذي في أيديكم، ثمّ قال للناس: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّٰهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ»إيّانا عنى خاصّة، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا،
قوله (الكتب و العلم و السلاح)
(1) اريد بالكتب الكتاب الّذي جمعه على بن أبى طالب (ع) و الجفر الابيض الّذي فيه زبور داود و توراة موسى و انجيل عيسى و صحف ابراهيم و مصحف فاطمة (عليها السلام) الّذي كتبه على (ع) عند نزول جبرئيل إليها و اخباره بما يكون الى يوم القيامة، و فيه جميع ما يحتاج إليه الناس، و الجامعة و هى صحيفة كتبها على (ع) بخطه من املاء الرسول (ص). و الجفر و هو مشتمل على علم النبيين و الوصيين و علم العلماء الذين مضوا. و الصحيفة التى جاء بها جبرئيل الامين فى الوصية من عند رب العالمين و بالعلم العلم الّذي اختص به الامام و هو العلم بما كان و ما يكون و ما هو كائن الى يوم القيامة، و بالسلاح سلاح رسول اللّه (ص) مثل المغفر و الدرع و الراية و القميص و السيف و الخاتم و غيرها.
قوله (و ان تحكموا بالعدل الّذي فى أيديكم)
(2) الحكم بالعدل هو الانصاف و التسوية بين الغنى و الفقير و الكبير و الصغير و القريب و البعيد و الشريف و الوضيع و هو يتوقف على الكمال فى القوة العقلية، و اتصافها بغاية العلم و نهاية المعرفة و تميزها بين الحق و الباطل، و على الاستقامة فى القوة الغضبية، و عدم ميلها الى جهة الافراط و التفريط لان جهة التفريط توجب العجز عن اقامة الحدود و اجراء الاحكام وجهة الافراط توجب ارتكاب الظلم و الجور. و تلك الاستقامة هى الشجاعة المعدودة من الاخلاق الحسنة التى كانت لجميع الأنبياء و الأوصياء و على اعتدال القوة الشهوية و توسطها بين الافراط و التفريط لان طرف التفريط يوجب العجز عن جلب ما لا بد منه و طرف الافراط يوجب جلب ما يضر و يجب تركه من المشتهيات النفسانية. فاذا حصلت هذه الامور حصلت من مجموعها للنفس ملكة العدل التى بها يجوز الحكم بين الناس بل يجب، و اذا فقد كلها او بعضها كان الحاكم من أهل الجور و الطغيان و أهل الظلم و العدوان نعوذ باللّه من ذلك و فى قوله الّذي فى أيديكم إشارة الى أنه مكتوب عندهم فى كتاب على (ع) او الى اتصافهم بهذه الصفة و عدم حصولها لهم بالتكلف.
قوله (ايانا عنى خاصة)
(3) أى أراد بأولى الامر ايانا خاصة لا ايانا و غيرنا و لا غيرنا خاصة، و فيه رد على من قال أراد بهم سلاطين الجور و بطلان هذا القول أظهر من ان يحتاج الى البيان و أما من قال أراد بهم أمراء المسلمين و خلفاءهم و قضاتهم و علماء الشرع فان أراد بهم الائمة الطاهرين من آل الرسول فهو حق و الا فهو فى ظهور البطلان مثل ما مر.