أوثقهم حجّة و هو الأكبر من ولدي و هو الخلف و إليه ينتهي عرى الامامة و أحكامها، فما كنت سائلي فسله عنه، فعنده ما يحتاج إليه.
[الحديث الثاني عشر]
12- عليّ بن محمّد، عن إسحاق بن محمد، عن شاهويه بن عبد اللّه الجلّاب قال:
كتب إليّ أبو الحسن في كتاب: أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر و قلقت لذلك فلا تغتمّ فانّ اللّه عزّ و جلّ «لا يضلّ قوما بَعْدَ إِذْ هَدٰاهُمْ حَتّٰى يُبَيِّنَ لَهُمْ مٰا يَتَّقُونَ»
و المعنى أنه أنصح آل محمد للّه و لرسوله و لعامة المسلمين لاجل استقامة طبيعته و صفاء قريحته و صفاء عقله و كمال خلقه و على الثانى ان غريزته أصح الغرائز و طبيعته أحسن الطبائع و قريحته أكمل القرائح و خلقه أفضل الاخلاق.
قوله (و أوثقهم حجة)
(1) أى أوثقهم كلاما و أقواهم برهانا و أفصحهم بيانا.
قوله (عرى الامامة)
(2) «عرى» بضم العين و فتح الراء جمع العروة بالضم و السكون و عروة الكوز و القميص معروفة و العروة أيضا من الشجر الشيء الّذي لا يزال باقيا فى الارض و لا يذهب و قد يراد بها الاصل على سبيل التشبيه و يجوز هنا إرادة جميع هذه المعانى أما الاولان فعلى سبيل المكنية و التخييلية بأن شبه الامامة بالظرف الّذي لا يتم و لا يحمل مع ما فيه الا بالعروة أو بالقميص الّذي يحيط باللابس و اثبت لها العرى و أراد بها الآلات التى هى متمسك الامامة و لا يتم الامامة الا بها مثل الكتب و السلاح و العلم و غيرها مما ذكر تفاصيله فى مواضع متعددة و أخبار متكثرة و أما الاخيران فبان يراد بها أيضا تلك الآلات لانها باقية مع الامامة غير زائلة عنها و اصول لها و الاضافة فيهما لامية.
قوله (فعنده ما يحتاج إليه)
(3) يحتاج اما بصيغة الخطاب أو بصيغة الغائب المجهول.
قوله (و قلقت لذلك)
(4) القلق الانزعاج و الاضطراب و انما قلق لانه ظن أن الخلف أبو جعفر محمد بن على فلما مات و بطل ظنه قلق لعدم ظنه بخلف غيره على الخصوص.
قوله (فان اللّه لا يضل قوما)
(5) ضل ضاع و الضلال الضياع و أضله غيره ضيعه و أخرجه عن الطريق أو وجده ضالا و باب الافعال يجيء لهذا المعنى أيضا كما تقول أحمدته و أبخلته اذا وجدته محمودا و بخيلا و قد صرح به ابن الاثير فى النهاية أو سماه ضالا أو اخذه مؤاخذة الضال كما صرح به القاضى و غيره فى تفسير هذه الآية و اذا نسب الاضلال الى اللّه تعالى يراد به غير المعنى الاول من المعانى المذكورة و المعنى لا يجد اللّه قوما ضالين خارجين عن طريق الحق أولا يسميهم ضالين أولا يؤاخذهم مؤاخذتهم بعد اذ هداهم للايمان حتى يبين لهم ما يجب اتقاؤه و من جملة ما يجب اتقاؤه خلاف الامام فلا اضلال و لا مؤاخذة بدون بيان الامام