مطابق لقوله. و كلّ قوله ناظر إلى امور الدّنيا و فوائدها مائل عن الآخرة و منافعها فلا نتبعوه في أقواله و أعماله و لا تجالسوه و لا تسألوه فإنّكم إن جالستموه يردّكم إلى الدّنيا فتكونوا مثله من الخاسرين و إنّ سالتموه يصدّكم عن الحقّ فتكونوا مثله من الهالكين
(فإنّ كلّ محبّ لشيء يحوط ما أحبّ)
(1) أي يحفظ و يرعى ما أحبّه يقال: حاطه يحوطه حوطا أي كلاه و رعاه. و الحاصل أنّ هذا العالم يحرس الدنيا و يحفظها و كلّ من هو كذلك فهو متّهم في الدّين في كلّ ما يقول و يعمل لأنّ حبّ الدّنيا و حراستها لا يجامع حبّ الدّين و حراسته في قلب واحد إذ ميله إلى أحدّ المتقابلين يوجب اعراضه عن الآخر كما يرشد إليه قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «فمن أحبّ الدّنيا و تولّاها أبغض الآخرة و عاداها [1]» فهذا العالم أيضا متّهم في الدّين فصحّ التعليل
(و قال (عليه السلام) أوحى اللّه إلى داود (عليه السلام):
لا تجعل بينى و بينك عالما مفتونا بالدّنيا)
(2) يعنى لا تتوسّل لمعرفتي و معرفة ديني و الفوز برضواني و الدّخول في جناني و البلوغ إلى شرف إكرامي و إحساني بعالم مفتون أضلّته الدّنيا بزهراتها و أخرجته عن طريق محبّتي بشهواتها و حبسته عن مشاهدة جلالي بلذّاتها
(فيصدّك عن طريق محبّتي)
(3) أي يمنعك عن طريق يوصلك إلى محبّتك إيّاي و محبّتي لك و يرغّبك إلى الدّنيا و زينتها فتصير مفتونا بها مثله
(فإنّ اولئك)
(4) هم المفتونون بالدّنيا البعيدون عن الرّحمة
(قطاّع طريق عبادي المريدين)
(5) لمحبّتي الطالبين لكرامتي القاصدين لسبيل مرضاتي فإنّ اولئك يزيّنون الدّنيا عندهم، و يرغّبونهم إليها قولا و فعلا، و يمنعونهم من الرّجوع إلى عالم إلهي و نحرير ربّاني و لو لم يكن اولئك الضالّون المضلّون السّارقون اسم العلم و زيّ العلماء، جالسين في مسند الشرع و داعين للخلق إلى مفترياتهم لجال الناس إلى أن يجدوا هاديا مسدّدا و عالما مؤيّدا
(إنّ أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي من قلوبهم)
(6) و كيف يكون قلوبهم قابلة لذوق مناجاته و هي مشغولة بغيره ملوّثة بحبّ الدّنيا و زينتها متنجّسة بفضلة النفاق و العناد مظلمة بظلمة