ظهر سفر و السير بكم سريع و قدر أيتم اللّيل و النهار و الشمس و القمر يبليان كلّ جديد و يقرّبان كلّ بعيد و يأتيان بكلّ موعود فاعدّوا الجهاز لبعد المجاز، قال فقام المقداد بن الأسود فقال: يا رسول اللّه و ما دار الهدنة؟ قال: دار بلاغ و انقطاع فإذا التبست عليكم الفتن كقطع اللّيل المظلم فعليكم بالقرآن فإنّه شافع مشفّع و
مع الاشرار و لكن له تفسير آخر يأتى ذكره.
(و أنتم على ظهر سفر)
(1) الظهر الصلب و أيضا الابل التى يحمل عليها و يركب و الاضافة لامية و فيه على الاول مكنية و تخييلية و على الثانى استعارة تحقيقية بتشبيه الليل و النهار بالظهر و استعارته لهما و فيه على التقادير مبالغة فى شدة السير و سرعته و الوغول فيه كما أشار إليه
بقوله (و السير بكم سريع)
(2) السير الذهاب و الاذهاب يقال سار يسير اذا ذهب و ساره غيره اذا أذهبه كسار به و فاعل السير الظهر و الباء على الاول للتعدية و على الثانى للمبالغة فيها ثم أشار الى تحقق ذلك و ظهوره لمن له بصيرة بقوله
(و قد رأيتم الليل و النهار)
(3) و تعاقبهما
(و الشمس و القمر)
(4) و دورهما.
(يبليان كل جديد)
(5) كما هو المشاهد فى الحيوانات و النباتات و غيرهما من المكونات و حسبك النظر الى نفسك من بدو وجودك الى كمال الشيخوخة
(و يقربان كل بعيد)
(6) ألا ترى أن كل ما هو فى الحال كان بعيدا فى زمان نوح مثلا و كل ما يقع فى الاستقبال سيصير حالا و ما ذلك الا بتعاقب الليل و النهار و دوران الشمس و القمر.
(و يأتيان بكل موعود)
(7) أ لا ترى كيف أتيا بغاية آجال آبائك و أجدادك و كل من كان فى الاعصار السابقة و لا يتفكر فى أنهما سيأتيان بغاية أجلك و بما وعد اللّه تعالى للمطيعين و العاصين ثم أشار الى ما هو كالنتيجة لهذا الكلام البليغ و المقصود منه
بقوله:
(فأعدوا الجهاز لبعد المجاز)
(8) أى لبعد الطريق و طول السفر المفتقر الى تحمل الزاد الكافى فيه. و جهاز المسافر بالكسر و الفتح ما يحتاج إليه فى سفره و المراد به هنا الطاعات و العبادات المفروضة و المندوبة
(و ما دار الهدنة)
(9) سأل عن تفسيرها لكونها مبهمة محتملة لوجوه
(قال دار بلاغ)
(10) الى حين
(و انقطاع)
(11) منها الى الآخرة و البلاغ بالفتح اسم لما يتبلغ و يتوصل به الى الشيء المطلوب و بالكسر مصدر بمعنى الاجتهاد يقال بالغ مبالغة و بلاغا اذا اجتهد
(فاذا التبست عليكم الفتن)
(12) فى الدين بعدى بافتراء المفترين و انتحال المبطلين.
(كقطع الليل المظلم)
(13) شبه الفتن بها فى كونها مظلمة سوداء تعظيما لشأنها أو فى أنها ساترة للمقصود مانعة من الاهتداء إليه، و الوجه فى المشبه به حسى و فى المشبه عقلى