و علوّي و ارتفاع مكاني لانحلنّ له اليوم خمسة أشياء مع المزيد له و لمن كان بمنزلته، ألا أنّهم شباب لا يهرمون و أصحّاء لا يسقمون و أغنياء لا يفتقرون و فرحون لا يحزنون و أحياه لا يموتون. ثمّ تلا هذه الآية لٰا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولىٰقال قلت: جعلت فداك يا أبا جعفر و هل يتكلّم القرآن فتبسّم ثمّ قال رحم اللّه الضعفاء من شيعتنا
(و لمن كان بمنزلته)
(1) عطف على له فى قوله «لانحلن له» لا فى قوله «مع المزيد له» مع احتماله و يظهر الفرق بالتأمل
(الا انهم شباب لا يهرمون)
(2) الشباب الفتيان و أيضا جمع شاب و هو المراد هنا
(و احياء لا يموتون)
(3) لعل المراد بالحياة الحياة الطيبة و هى التى لا تعب و لا مشقة و لا كدرة معها، فلا يرد ان أهل النار أيضا احياء لا يموتون فان حياتهم مكدرة شبيهة بالموت
(4) تشبيه الموت بالمطعوم مكنية و الذوق و هو ادراك طعم الشيء تخييلية و قد يجعل كناية عن العلم كالشم فى قولنا فلان لم يشم هذه المسألة و الضمير للجنة و الاستثناء اما متصل يعنى لا يعلمون فى الجنة الموت الواقع فى أحد الازمنة و لا يتعقلونه الا الموتة الاولى و هى التى بعد الحياة الدنيوية و القبرية او منقطع يعنى لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الاولى او امكن ذوقها و لكنه ممتنع لان الموتة التى قدر وقوعها و ذوقها فى زمان ماض لا يمكن وقوعها و ذوقها فى المستقبل فهو من باب التعليق بالمحال و المقصود على التقديرين نفى الموت منهم و ثبوت الحياة الابدية لهم. و رام بعض المفسرين و منهم القاضى جعل الاستثناء متصلا فقالوا تارة الضمير للآخرة و الموت أول أحوالها و قالوا تارة للجنة و المؤمن يشارفها بالموت و يشاهدها عنده فكانه فيها. و ظنى ان فيهما تكلفا اما فى الاول فلان الظاهر بل المتعين أن الضمير للجنة و اما فى الثانى فلان مجاز المشارفة و الظرفية المجازية خلاف الظاهر.
(قال قلت جعلت فداك يا أبا جعفر و هل يتكلم القرآن)
(5) قوله «جعلت فداك» ليس فى بعض النسخ و الواو اما زائدة او للعطف على مقدر أى أ تقول ذلك و هل يتكلم القرآن و الظاهر أن المراد بالتكلم التكلم باللسان و ان سعدا لم يشك فيه بعد سماعه من المعصوم (ع) و انما سأل لتقريره و تثبيته ذلك فى الذهن لكونه أمرا مستبعدا بين الناس فلذلك قال لا أستطيع أتكلم به فى الناس أو قال ذلك تعجبا و فزعا، ثم استبعادهم لا وجه له لانه من استحضر أن نسبة الكائنات الى قدرة اللّه سبحانه سواء لا يستغرب شيئا من ذلك، و قال بعض المعاصرين تكلم القرآن عبارة عن القائه على السمع ما يفهم منه المعنى و هذا هو معنى حقيقة الكلام و لا يشترط صدوره من لسان لحمى و كذا تكلم الصلاة فان من اتى بالصلاة بحقها او حقيقتها نهته الصلاة عن متابعة اعداء الدين و غاصبى حقوق الائمة الراشدين الذين من عرفهم عرف اللّه و من ذكرهم