أوّل اللّيل فقال له: لا أدعك أن تجوز فألحّ عليه و طلب إليه، فابى إباء و أنا و مصادف معه فقال له مصادف: جعلت فداك إنّما هذا كلب قد آذاك و أخاف أن يردّك و ما أدري ما يكون من أمر أبي جعفر و أنا و مرازم أ تأذن لنا أن نضرب عنقه، ثمّ نطرحه في النهر؟ فقال: كفّ يا مصادف، فلم يزل يطلب إليه حتّى ذهب من اللّيل أكثر فأذن له فمضى فقال: يا مرازم هذا خير أم الّذي قلتماه؟ قلت: هذا جعلت فداك، فقال: إنّ الرجل يخرج من الذلّ الصغير فيدخله ذلك في الذّلّ الكبير.
[كيفية معاشرة أبي عبد للّه (ع) مع غلمانه]
50- عنه، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال، عن حفص بن أبي عائشة قال: بعث أبو عبد اللّه (عليه السلام) غلاما له في حاجة فأبطأ فخرج أبو عبد اللّه (عليه السلام) على أثره لمّا أبطأ عليه فوجده نائما فجلس عند رأسه يروّحه حتّى انتبه قال له أبو عبد اللّه (عليه السلام): يا فلان و اللّه ما ذاك لك تنام اللّيل و النّهار، لك الليل و لنا منك النّهار.
[لم يجعل الله في خلاف أهل البيت (ع) خيرا]
51- عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن حسّان [عن] أبي عليّ قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: لا تذكروا سرّنا بخلاف علانيتنا و لا علانيتنا بخلاف سرّنا، حسبكم أن تقولوا ما نقول و تصمتوا عمّا نصمت، إنّكم قد رأيتم أنّ اللّه عزّ و جلّ لم يجعل لاحد من النّاس في خلافنا خيرا، إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول:
(1) دل على أنه ينبغى الرفق على الخدم و العبيد و ان صدر منهم ما يوجب التأديب شرعا فان العفو من صفة الكرام.
قوله: (قال سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول لا تذكروا سرنا بخلاف علانيتنا و لا علانيتنا بخلاف سرنا)
(2) كان قوله «بخلاف» متعلق بلا تذكروا أو حال عن مفعوله و السر عبارة عن العقائد الحقة و الاحكام الالهية الواقعة فى نفس- الامر و هم (عليهم السلام) قد يتكلمون بخلافها عند التقية و قد يتكلمون بها عند عدمها فنهى أولا أن يذكروا سرهم بخلاف علانيتهم و هى ما تكلموا به خوفا على نفسه و عليهم و نهى ثانيا أن يذكروا علانيتهم بخلاف سرهم لعدم الخوف و وجوب حفظ التكلم بما تكلموا به و السكوت عما سكتوا عنه، و لذا قال (عليه السلام)