و قبل الإذن من اللّه في خرابها فكأن قد أخربها الذي عمّرها أوّل مرّة و ابتدأها و هو وليّ ميراثها فأسأل اللّه العون لنا و لكم على تزوّد التقوى و الزّهد فيها: جعلنا اللّه و إيّاكم من الزّاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا، الراغبين لأجل ثواب الآخرة فانّما نحن به و له و صلّى اللّه على محمّد النبيّ و آله و سلّم و السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته.
حديث الشيخ مع الباقر (عليه السلام)
30- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن إسحاق بن عمّار قال: حدّثني رجل من أصحابنا، عن الحكم بن عتيبة قال: بينا أنا مع أبي جعفر (عليه السلام) و البيت غاصّ بأهله إذ أقبل شيخ يتوكّأ على عنزة له حتّى وقف على باب البيت فقال: السلام عليك يا ابن رسول اللّه و رحمة اللّه و بركاته ثمّ سكت فقال أبو جعفر
كالقلع و المال العارية و ما لا يدوم و الضعيف الّذي اذا بطش به لم يثبت، و هذا منزل قلعة بالضم و بضمتين و كهمزة أى ليس بمستوطن كانه يقلع ساكنه أو معناه لا يملكه أى لا يدرى متى يتحول عنه و الدنيا دار قلعة اى انقلاع و هو على قلعة أى رحلة، و فيه تنبيه على أن الدنيا ليست بدار لهم ليلتفتوا عن الركون إليها و يتوقعوا الارتحال و الخروج منها
(و دار عمل)
(1) يجب فيها المبادرة إليه و الآخرة دار جزاء فلذلك أمر باتخاذ العمل زادا قبل انصرام الدنيا و خرابها
بقوله: (فتزودوا الاعمال الصالحة فيها قبل تفرق أيامها و قبل الاذن من اللّه فى خرابها)
(2) المراد بأيامها أيام عمر كل شخص و بخرابها انقضاء تلك الايام، و انما شبه العمل بالزاد لاشتراكهما فى التسبب للحياة و الوجه فى المشبه به اجلى و اظهر و فى المشبه أقوى و أكمل لانه سبب للحياة الابدية و هو
(ولى ميراثها)
(3) لانها تغنى و هو يبقى كالوارث
(فانما نحن به و له)
(4) أى انما نحن موجودون باللّه تعالى و له ففى الاول اشارة الى تفويض الامور كلها إليه و فى الثانى اشارة الى طلب التقرب منه بالاتيان بالمأمورات و الاجتناب عن المنهيات و بهما يتم النظام فى الدارين و علو المنزلة فى النشأتين.
(حديث الشيخ مع الباقر (عليه السلام))
(5) يذكر فيه فضيلة المحبة للائمة (عليهم السلام) و حصول النجاة بها و شيئا من الآداب
(و البيت غاص بأهله)
(6) أى ممتلى بهم
(اذا قبل شيخ يتوكأ على عنزة له)
(7) العنزة بالتحريك أطول من العصا و اقصر من الرمح و فيها زج كزج الرمح.
(فقال السلام عليك يا ابن رسول اللّه- اه-)
(8) فيه شيء من آداب التسليم اذ دل على انه ينبغى أن يسلم الداخل على جماعة أولا على أفضلهم و يخاطبه بخطاب شريف و أن يضم مع السلام الرحمة و البركة و يصبر حتى يسمع الجواب ثم يسلم على الحاضرين باسقاط الضميمة