فكونوا عباد اللّه من القوم الذين يتفكّرون و لا تركنوا إلى الدنيا فانّ اللّه عزّ و جلّ قال لمحمد (صلى اللّه عليه و آله): وَ لٰا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُو لا تركنوا إلي زهرة الدّنيا و ما فيها ركون من اتّخذها دار قرار و منزل استيطان فانّها دار بلغة و منزل قلعة و دار عمل، فتزوّدوا الاعمال الصالحة فيها قبل تفرّق أيّامها
(1) للتزهيد فى الدنيا
(و قوله الحق)
(2) الثابت الّذي لا ريب فيه
(إِنَّمٰا مَثَلُ (الْحَيٰاةِ) الدُّنْيٰا)
(3) فى سرعة زوالها بعد اقبالها و اقبال الناس إليها
(9) و لم تقم قريبا من وقت الزوال و الفناء من غنى كرضى اذا قام و عاش و هذا مثل فى سرعة زوال الشيء بعد وجوده
(كَذٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيٰاتِ)
(10) الدالة على سرعة زوال الدنيا و فنائها
(لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
(11) فيها و يجدون ما هو المقصود منها. و اعلم أن أهل العربية قالوا الاصل فى الكاف أن يليه المشبه به مثل زيد كالاسد الا أنه قد يليه غيره كما فى هذه الآية اذ ليس المقصود تشبيه حال الدنيا بالماء بل المراد تشبيه حالها فى خضرتها و بهجتها و ما يتعقبها من الهلاك و الفناء بحال النبات الحاصل من الماء يكون أخضر ناضرا شديدة الخضرة ثم ييبس فتطيره الرياح كان لم يكن ثم أشار الى نتيجة هذا التفكر بقوله
(فلا تركنوا الى الدنيا)
(12) الركون إليها شامل للركون الى أهلها الظالمين الذين اتخذوها دار قرار طلبا لما فى أيديهم كما أشار إليه
بقوله: (فان اللّه عز و جل قال لمحمد (صلى اللّه عليه و آله)وَ لٰا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ)
(13) قد أراد بهذا غيره لانه (صلى اللّه عليه و آله) أرفع من أن يركن إليهم ثم أكد الزجر عن الركون إليها
بقوله: (و لا تركنوا الى زهرة الدنيا و ما فيها ركون من اتخذها دار قرار و منزل استيطان)
(14) فيه تنبيه على أن الركون إليها لا بهذا الاعتبار بل باعتبار تحصيل الكفاف المتوقف عليه بقاء الحياة و فعل الطاعات غير مذموم بل هو من العبادات أو مقدماتها الا أنه ليس بركون حقيقة
(فانها دار بلغة)
(15) فى المصباح البلغة ما يتبلغ به من العيش و لا يفضل يقال تبلغ به اذا اكتفى به و فى هذا بلاغ و بلغة و تبلغ أى كفاية
(و منزل قلعة)
(16) أى تحول و ارتحال و تقلع منها الى الآخرة و فى القاموس القلعة بالضم العزل