مضلّة و الطريق الوسطى هي الجادّة عليها ما في الكتاب و آثار النبوّة، هلك من ادّعى و خاب من افترى إنّ اللّه أدّب هذه الامّة بالسيف و السوط و ليس لأحد عند الامام فيهما هوادة فاستقرّوا في بيوتكم و أصلحوا ذات بينكم و التوبة من ورائكم، من أبدى صفحته للحقّ هلك.
الافراط و التفريط
(و الطريق الوسطى هى الجادة)
(1) الى اللّه تعالى و جنته
(عليها باقى الكتاب)
(2) أى الباقى الّذي فى الكتاب الى آخر الدهر، أو الكتاب الباقى فالإضافة أما بتقدير فى أو من باب جرد قطيفة و فى بعض النسخ ما فى الكتاب بلفظ الموصول
(و آثار النبوة)
(3) و هى ما جاء به من عند اللّه تعالى و أعظمه الولاية و بالجملة طريق السالكين الى اللّه تعالى أما العلم او العمل فالعلم طريق القوة النظرية و العمل طريق القوة العملية و كل منهما بين رذيلتين هما طرف التفريط و الافراط و الوسط بينهما هو العدل و هو الجادة الواضحة لمن اهتدى عليها ما فى القرآن من المقاصد الحكمية و عليها آثار النبوة التى بها يحصل النجاة فى الدنيا و الآخرة
(هلك من ادعى و خٰابَ مَنِ افْتَرىٰ)
(4) هذا اما دعاء أو اخبار أى هلك من ادعى ما ليس له أهلا هلاكا اخرويا و خاب من كذب أى لن يحصل مطلوبه اذا جعل الكذب وسيلة إليه
(ان اللّه أدب هذه الامة بالسيف و السوط)
(5) لعلمه بأن حالهم لا يستقيم الا بهما لقوة فظاظتهم و شدة غلاظتهم.
(و ليس لاحد عند الامام فيهما هوادة)
(6) اى صلح و ميل و فيه كما فى السابق وعيد لهم بالقتل و الحد لمن استحقهما و ردع لطمع الدفع بالقرابة و غيرها
(فاستتروا فى بيوتكم)
(7) أمر بلزومها للفرار عن الاجتماع للمنافرات و المفاخرات و المشاجرات و قال الفاضل الامين الأسترآبادي أمر بالتوبة عما يوجب الحد قبل ثبوته عند الامام و الاستتار بها
(وَ أَصْلِحُوا ذٰاتَ بَيْنِكُمْ)
(8) قيل أحوال بينكم و قيل خصومة بينكم و قيل نفس بينكم و معناه أصلحوا بينكم
(و التوبة من ورائكم)
(9) تنبيه للعصاة على الرجوع بالتوبة عن الجرى فى ميدان المعصية و اقتفاء اثر الشيطان و النفس الامارة قيل كونها وراء لان الجواذب الالهية اذا أخذت بقلب العبد فجذبته عن المعصية حتى أعرض عنها و التفت بوجه نفسه الى ما كان معرضا عنه من الندم على المعصية و التوجه الى القبلة الحقيقية فانه يصدق عليه اذن أن التوبة وراءه أى وراء عقليا و هو أولى من قول من قال ان ورائكم بمعنى أمامكم
(من أبدى صفحته للحق هلك)
(10) أى من كاشف الحق مخاصما له هلك و هى كلمة جارية مجرى المثل أو من أبدى صفحته لنصرة الحق و اظهاره فى مقابلة كل باطل أورد من الجهال جهلهم على مر الحق فى كل وقت يكون فى معرض الهلاك بأيديهم و ألسنتهم اذ لا يعدم منهم من يوصل إليه المكروه و يسعى فى ذمه.