و بالمعنى الأخير و هو الجوهر النوراني المفارق عن المادّة في ذاته و فعله يحتاج في هذا القول و في قوله: «و لا أكملتك إلّا فيمن أحبّ» إلى تكلّف بأن يقال المراد بإكماله إكمال إشراقاته على النفس و بثوابه و عقابه ثواب النفس و عقابها باعتبار الاستضاءة من مشكاته و عدمها، و قيل المراد بالعقل هنا العقل النبويّ و الحقيقة المحمّدية و هو الرّوح الأعظم المشار إليه بقوله تعالى «قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي» و أحبّ الخلق إليه استنطقه اللّه تعالى بعد ما خلقه و جعله ذا نطق و كلام يليق بذلك المقام ثمّ قال له: أقبل إلى الدّنيا و اهبط إلى الأرض رحمة للعالمين فأقبل فكان روحه مع كلّ نبيّ باطنا و مع شخصه المبعوث ظاهرا، ثمّ قال له: أدبر يعني أدبر عن الدّنيا و ارجع إلى ربّك، فأدبر عنها و رجع إليه ليلة المعراج و عند المفارقة عن دار الدنيا ثمّ أعلمه تشريفا و تكريما له بأنّه أحبّ الخلق إليه و آكد ذلك بالقسم، ثمّ قال: «إيّاك آمر و إيّاك أنهى و إيّاك أعاقب و إيّاك أثبت» و المراد بك آمر و بك أنهى و بك أعاقب من جحدني و جحدك من الأوّلين و الآخرين و بك اثيب من عرفني و عرفك منهم كلّ ذلك لأنّك سبب للايجاد و لولاك لما خلقت الأفلاك أو المراد إيّاك آمر و إيّاك أنهى لأنّك ملاك التكليف و إيّاك اعاقب بحبسك في الدّنيا مدّة و دخولك في المنزل الرّفيع من الجنّة و إيّاك اثيب باعتبار غاية كمالك و كمال قربك و منزلتك لدينا، و لدينا مزيد و اللّه أعلم بحقيقة كلامه.
[الحديث الثاني]
«الأصل»:
2- «عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن مفضّل بن» «صالح، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباته، عن عليّ (عليه السلام) قال: هبط» «جبرئيل (عليه السلام) على آدم (عليه السلام) فقال: يا آدم إنّي امرت أن اخيّرك واحدة من» «ثلاث فاخترها ودع اثنتين فقال له آدم: يا جبرئيل و ما الثلاث؟ فقال: العقل» «و الحياء و الدين، فقال آدم (عليه السلام) إنّي قد اخترت العقل فقال جبرئيل للحياء و»