خلق السماء و بنائها بلا عمد و تزيينها بالكواكب و مدّ الأرض و إلقاء الجبال الرّواسي فيها و إنبات أنواع النباتات الحسنة البهيجة و تنزيل الأمطار و إنبات الزّروع و الأشجار و الجنّات الرائقات و النخيل الباسقات و إحياء البلاد و إهلاك بعض القرون السابقة بسبب تكذيب رسلهم مثل قوم نوح و أصحاب الرسّ و ثمود و عاد و فرعون و إخوان لوط و أصحاب الايكة و قوم تبّع إلى غير ذلك من الامور المذكورة في سورة ق
(لَذِكْرىٰ)
(1) أي لتذكرة
(لِمَنْ كٰانَ لَهُ قَلْبٌ)
(2) أي عقل و إطلاق القلب على العقل شايع لغة و عرفا و بذلك فسّره القرّاء أيضا في هذه الآية و من قال: قلب واع يتفكّر في الحقائق. أراد به ما قلنا لأنّ التفكّر من صفات العقل [1] دون العضو المخصوص المتشكّل بشكل مخصوص صنوبريّ لأنّ ذلك موجود في الصبيان و المجانين مع عدم تحقّق التذكّر لهم و فيه دلالة واضحة على أنّ غاية إيجاد هذه العالم و إنزال المواعظ الرّبانيّة و النصائح القرآنيّة ليست إلّا أصحاب العقول الرّاسخة و هذا كمال المدح و التعظيم لهم.
(و قال وَ لَقَدْ آتَيْنٰا لُقْمٰانَ الْحِكْمَةَ قال الفهم و العقل)
(3) الفهم العلم تقول:
فهمت الشيء إذا علمته و العقل الجوهر المجرّد [2] الذي يدرك المعاني الكلّيّة و الحقائق المعنويّة من عقل البعير عقلا إذا شدّ بالعقال سمّي به لأنّه يمنع صاحبه عن ارتكاب ما لا ينبغي مثل العقال و إطلاق الحكمة عليهما إن كانت عبارة عمّا يمنع
[1] قال الحكماء القوة المتخيلة او المتصرفة ان كان تصرفهما بتدبير العقل سميت مفكرة و ان كان بتدبير الوهم سميت متخيلة فالتفكر و ان كان قوة من القوى الجسمانية لكن لا يكون تفكرا الا بالعقل (ش).
[2] العقل: الجوهر المجرد هو الّذي يقول به الحكماء و الشارح قائل به كما صرح مرارا و اما ما يفهم من بعض عباراته من عدم الدليل على وجود العقل الّذي يقول به الحكماء فالمراد به بعض ما يلتزم به المشّاءون من كون عدد العقول عشرة و ان كل عقل صدر منه فلك عقل و ما يتوهمه الجاهل من تفويض الواجب فعله و قدرته الى العقل و غير ذلك (ش).