و أنت خبير بأن المستفاد من الأخبار أن غاية الرفع و منتهاه هو محاذاة الأذنين مع جواز ما دون ذلك.
(مستقبلا بباطن كفّيه) و يدل عليه ما في (موثقة منصور بن حازم) قال
رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) [افتتح الصلاة فرفع يديه حيال وجهه و استقبل القبلة بباطن كفيه].
و مثله في رواية (جميل) المنقولة في تفسير قوله تعالى [فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ].
(مبتدئاً بالرفع مع ابتدائه) أي ابتداء التكبير أي أنه يكبر حال أخذه في الرفع.
(منتهياً بانتهائه على المشهور) و قيل إنه يبتدئ بالتكبير حال إرسالها و قيل إنه يبتدئ عند انتهاء الرفع فيكبر بعد تمام الرفع ثم يرسل يديه، و على هذا القول يدل ظاهر (صحيحة الحلبي المتقدمة) لقوله (عليه السلام) فيها
[إذا افتتحت الصلاة فارفع يديك ثم ابسطهما بسطاً ثم كبر ثلاث تكبيرات]
و حمل ثم على الانسلاخ عن معنى التراخي لا ضرورة تلجئ كما تكلفه بعضهم.
(جاهراً بتكبيرة الإحرام) و مستراً للباقي (27) و ينبغي تقيد استحباب الجهر بتكبيرة الإحرام بالإمام خاصة لما رواه (الحلبي في الصحيح)
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: [و إذا كنت إماماً فإنّه يجزك أن تكبر واحدة (تجهر فيها) و تستر ستاً]
و أما المأموم فالأفضل له الإسرار لقوله (عليه السلام) لا ينبغي لمن خلف الإمام أن يسمعه شيئاً، و يتخير المنفرد عملا بإطلاق الأدلة.
(استحباباً في الجميع قاطعاً همزة أكبر جازماً آخرها) بالوقوف عليه لأنّه المنقول عن صاحب الشرع (غير مشبعاً خصوصاً همزة الله و باء أكبر) لأنّه مع الإشباع لهمزة الله يصير بصورة اجتماع همزتين أحدهما للاستفهام مع قلب الثانية ألفاً على القاعدة العربية، فيصير نظير قوله سبحانه [آللّٰهُ أَذِنَ لَكُمْ] و مع إشباع الباء يصير في صورة جمع كبر و هو الطيل و له وجهان (29).
(و إن لم يقصد خلاف المرار) فيه إشارة إلى رد (الفاضلين في المعتبر و المنتهى) حيث جوزا الإشباع مع عدم فقد الاستفهام و الجمع بناء على جواز الإشباع في اللغة و توقف الدلالة على الإرادة.
و التحقيق أن الإشباع لا يجوز في السعة حيث صرحوا بأنّه من ضروريات الشعر و دلالة اللفظ المفرد لا يتوقف على الإرادة.
المسألة الثانية (تجب النية:)
(و قد تقدم من الكلام فيها ما يغني عن الإعادة و القصد إلى التعين) أي تعين الفريضة مثلا بكونها ظهراً أو عصراً و نحو ذلك (غني عن البيان) (30) فإنّه أمر ضروري للإنسان متى كان عالماً عاقلا.
(و القصد) إلى الوجه من وجوب أو استحباب.
(و الأداء في الأدائية و القضاء في المقضية خال عن البرهان) فإن لم نقف له في الأخبار على دليل (إلا مع اشتغال الذمة بهما) أي بالأداء و القضاء (كما حققه بعض العلماء الأعيان) و حاصله أن عليه ظهرا فائتة و دخل عليه وقت الظهر فإنّه على تقدير القول بالمواسعة بالقضاء مخاطب في هذا الوقت بظهرين أحدهما أداء و الآخر القضاء فلا بد حينئذ من القصد إلى تعين الأولى منها بكونها هي الأداء و القضاء لأن هذه الأربع ركعات لا تنصرف إلى أحد الفردين إلا بقصده و تعينه فيه إذ الفرض مخاطب بها معاً في تلك الحال.
و أما على القول بالمضايقة فلو أراد الصلاة في أول الوقت فإنّه لا ضرورة إلى التعين لأن الوقت مختص بالقضاء.
أما إذا كان فارغ الذمة من
(26) و بذلك كان الترجيح اقتضاءه و عدم تركه لتأكيده كما اختاره شيخنا في «استحباباً مؤكداً إلى النحر».
(28) هذه الرواية منقولة عن الخصال كما نقلها صاحب الوسائل من غير المقوس في المتن و لكن توجد بهذا النص عن غير الحلبي و الظاهر اعتماد المصنف (رحمه الله) كان على مصدر آخر و الله أعلم.