فان حقيقة الاستعمال إلقاء اللفظ إلى المخاطب لينتقل ذهنه من اللفظ إلى المعنى، و يحمل عليه المتكلم بما أراده، فاللاحظ آلة، هو المخاطب دون المتكلم. و المتكلم لا بد و ان يلاحظ مستقلا، فيكون فعل المتكلم من قبيل جعل المرآة، و سماع المخاطب من قبيل النظر إلى المرآة ليرى نفسه. و من الواضح أن جاعل المرآة لا ينظر إليها آلة. فتدبر فانه دقيق.
أضف إلى ذلك، أن الوضع عبارة عن جعل اللفظ بحيث يكون حاكيا، و الاستعمال هو جعله حاكيا فعليا، و هو لازم لجعله بحيث يكون حاكيا، فكما انه في الإنشائيات ربما يجعل الشيء بنفسه، كجعل الوجوب و الحرمة، و تمليك العين في الهبة، و ربما يجعل الشيء بجعل لازمه، كجعل العقاب على ترك الفعل، أو الإتيان به، و تسليط المتهب الذي هو لازم التمليك، كذلك في الوضع، يمكن جعله مستقلا، و يمكن جعله بجعل لازمه و هو جعل اللفظ حاكيا فعليا بالاستعمال.
و أيضاً أورد عليه [1]: بان الاستعمال يتوقف على كون اللفظ مفهما فعلا، و هو يتوقف على الوضع، فإذا كان الوضع حاصلًا بالاستعمال، كما هو المفروض، يلزم الدور.
و فيه: أن كون اللفظ مفهماً بلا قرينة يتوقف على الوضع، و الاستعمال إنما يتوقف على كونه مفهما و لو مع القرينة فلا دور. فالوضع التعييني بقسميه خالٍ عن الإشكال.
[1] ذكره السيد الخوئي (قدِّس سره) في المحاضرات ج 1 ص 48 عند قوله: (ربما يتوهم)، ثم أجاب عنه.