أمور محتومة لا محالة، و من الامور امور موقوفة عند اللّه يقدم ما يشاء
و يمحو ما يشاء و يثبت منها يشاء، لم يطلع على ذلك أحدا يعني الموقوفة، فأما ما جاءت به الرسل فهي كائنة لا يكذب نفسه و لا نبيه و لا ملائكته [1]. و نحوه غيره.
الرابع: حيث عرفت أن العلم الالهي يتعلق بالاشياء على واقعها، لان انكشاف الشيء لا يزيد على واقع ذلك الشيء، فإذا كان الواقع منوطا بمشيئة اللّه حسب ما تقتضيه المصالح و المفاسد كان العلم متعلقا به على هذه الحالة، و الا لم يكن العلم علما به على وجهه و انكشافا له على واقعه.
فيكون لله علمان: علم بالاشياء من جهة عللها التامة و هو العلم الذي لابداء فيه أصلا، و له علم بالاشياء من جهة مقتضياتها التي موقوفة التأثير على وجود الشروط و فقد الموانع. و هذا العلم يمكن أن يظهر خلاف ما كان ظاهرا منه بفقد شرط أو وجود مانع.
و إلى هذا المعنى يشير كثير من الاخبار المروية عن المعصومين (عليهم السلام)، قال الامام الرضا (ع) لسليمان المروزي في حديث: ان عليا (ع)؟ كان يقول: العلم علمان: فعلم علمه اللّه ملائكته و رسله فما علمه ملائكته و رسله فانه يكون و لا يكذب نفسه و لا ملائكته و رسله، و علم عنده مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه يقدم منه ما يشاء و يؤخر ما يشاء و يمحو و يثبت ما يشاء [2].
[1] تفسير العياشي ج 2 ص 217 آية 13 من سورة الرعد ح 65.
[2] التوحيد باب 66 في ذكر مجلس الرضا (ع) مع سلمان المروزي متكلم خراسان ...، ص 444 ح 1.