ان «التزاحم» مقابل «التعارض» من اصطلاحات المتأخرين من الأصوليين، و ليس منه عين و اثر بين المتقدمين، و الحريّ أن يعقد فصل خاص لبيان هذا الأمر لما يترتب عليه من ثمرات فقهية، و لأجل ذلك نبحث عنه في المقام على وجه الايجاز و سيوافيك بعض الكلام في مبحث التعادل و الترجيح، و اشباع المقام يتوقف في البحث عن أمور:
الأول: الفرق بين التعارض و التزاحم:
إذا كان التنافي بين الدليلين راجعا إلى مقام الجعل و الانشاء، بأن يستحيل من المقنن الحكيم صدور حكمين أو جعلين حقيقين لغاية الامتثال و دعوة الناس اليهما، فهو التعارض و يعرف بالتنافي بين مدلول الدليلين في مقام الجعل و الانشاء، مثل انه يستحيل على الحكيم أن يحرّم بيع العذرة، و في الوقت نفسه أن يبحه فيقول: «ثمن العذرة سحت» «و لا بأس ببيع العذرة» إذ لا تنقدح الارادتان المتضادتان حسب المراد في لوح النفس على وجه الجدّ؛ فعند ذلك نعلم بكذب أحد الدليلين، و عدم صدور واحد منهما في مقام التشريع، اما بالذات كما