مع ظنّ الضرر و عدم تضرّر المالك بإطفائها، فلعلّه إلى هذه يشير كلام المسالك المنقول سابقا [1].
و هذا مبني على أنّ الترك من الأفعال كما هو التحقيق و إن لم يكن موجبا لضرر صاحب المال، و لو كان هو الحرمان عن النفع العظيم إن قلنا: إنّه ضرر في العرف، كما هو الظاهر. و ذلك بأن يكون لصاحب المال محلّ آخر لهذا الفعل لا يوجب اختياره ضررا عليه و لا عسرا و لا حرجا، و مع ذلك فعل الفعل المضرّ، فالظاهر الضمان، بل الحرمة أيضا، للخبر و الضرار المعتضد بقاعدة الإتلاف، و التسبيب.
[حكم ما لو تصرّف زائدا عن الحاجة]
و أمّا فيما زاد عن قدر الحاجة، و لم يعلم بتضرّر الغير، و ظنّ به: فوجه الضمان عدم انصراف رخصة الشارع إلى مثل هذا الفرد، سيّما و هو غالبا إمّا إسراف أو محسوب من اللغو و العبث، مثلا إذا أردنا الاصطلاء بالنار في داره، و يمكن حصوله بإضرام حزمة أو حزمتين من الحطب، فجمع عشرين وقرا من الحطب، و أضرم عليه، فخرجت الشعلة من الدار، و أحرقت بعض أشجار جاره أو ثيابه المنشورة على سطح داره أو نحو ذلك، فالظاهر أنّ هذا يوجب الضمان و إن لم يعلم؛ لظاهر التسبيب، و عدم ثبوت الرخصة في هذا التصرّف من الشارع.
أمّا عقلا: فلأنّ ما تقول: إنّ العقل يحكم بإباحة هو ما كان فيه منفعة خالية عن المضرّة، و هذا ليس منه، بل ممّا فيه المضرّة.
و أمّا النقل: فلعدم انصراف العمومات إلى مثل ذلك لو لم نقل بالدلالة على عدمه.
و أمّا جعل ما من شأنه ذلك موجبا للضمان في صورة عدم الاستشعار من جهة الغافلة و البلادة لا من جهة الجهل بالحال، كالصورة السابقة: فلعلّه أيضا لا يبعد إلحاقه بذلك، كما ذكره في المسالك [2].