و بالجملة، المستفاد من جملة الأخبار و مقتضى الاعتبار، أنّ الاختيار إلى المدّعي، سواء تمكّن من إحضار البيّنة حال الدعوى أولا. و غاية ما يتصوّر حقّا من جانب المنكر، أنّه يريد من إلزام المدّعي على البيّنة جرحها، و هو لا يرفع عنه الدعوى كما لا يخفى، فلا يمكنه إلزامه البيّنة، كما لا يمكنه إلزام التحليف؛ إذ ذلك قد يوجب سقوط حقّه، بخلاف ما لو أقام البيّنة، فالاختيار مع المدّعي.
و لو كان له بيّنة و أعرض عنها و التمس اليمين، أو قال: أسقطت البيّنة و اكتفيت باليمين، فالأظهر الأشهر [1] جواز الرجوع قبل الحلف؛ لأصالة بقاء الحقّ، و عموم الرواية، خلافا للشيخ [2]، و كأنّه جعله من باب الإسقاط و الإبراء، لا الإباحة و التفويض، و لا دليل عليه.
حكم ما لو أحضر البيّنة و أقامها
ثمّ بعد إحضار البيّنة و إقامتها، فإن لم توافق البيّنة المدّعى أبطلها.
و إن وافقته، فإن عرف الحاكم عدالتها و قبول شهادتها- بمعنى وجود الشرائط التي ستجيء في كتاب الشهادة غير العدالة من عدم العداوة و الشركة و كثرة النسيان و نحوها- فيحكم.
و كذلك لو أقرّ الخصم بالعدالة و مقبوليّة الشهادة، و إن لم يظهر للحاكم؛ لكونه بمنزلة الإقرار على نفسه.
و لا يحتاج في الصورتين إلى المزكّي.
أمّا الاولى: فلما مرّ من جواز عمل الحاكم بعلمه، بل من لا يجوّز عمل الحاكم