و تتابعت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم المصائب بوفاة خديجة و أبي طالب كما روى ابن اسحاق، و «نالت قريش من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب، و يقول صلّى اللّه عليه و سلّم: ما نالت مني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب»
[90]، «فخرج صلّى اللّه عليه و سلّم عن مكة خائفا يطلب أحياء العرب»
و كان المرتقب من الأجيال الاسلامية التالية-و قد نشأت مستظلة بلواء الاسلام، و متنعمة بلذة الإيمان، و مستضيئة بنور القرآن-أن تعطي لكل ذي حقّ حقّه، فتحفظ للرعيل الأول من المجاهدين البواسل أياديهم البيضاء و جهودهم المحمودة و مساعيهم المشكورة، في سبيل تثبيت دعائم الدين و حفظه من كيد الكائدين و عدوان المعتدين، و أن تخص هذا الشيخ المناضل من الحب و التقدير و العرفان بالجميل، بما يساوق عطاءه الضخم و يناسب دوره الكبير في الحماية و الرعاية و العمل الدءوب دفاعا عن الاسلام و رسوله العظيم.
و لكن بعض المسلمين-على الرغم من كل ما حفل به تأريخ السيرة من أنباء الكفاح العنيف و الجهاد الفريد لسيد البطحاء-رأوا أن أبا طالب لم يؤمن بالإسلام طرفة عين، و أنه مات على دين قومه كافرا بشرع اللّه و منكرا للرسالة و الكتاب المنزل و النبي المرسل!!.