وجه كلمح البرق غاض وميضه # قلب كصدر العضب فلّ مضاؤه [1]
حكم البلى فيه، فلو يلقى به # أعداءه لرثى له أعداؤه
إنّ الّذي كان النّعيم ظلاله # أمسى يطنّب بالعراء خباؤه
قد خفّ عن ذاك الرّواق حضوره # أبدا، و عن ذاك الحمى ضوضاؤه
كانت سوابقه طراز فنائه # يجلو جمال روائهنّ رواؤه [2]
و رماحه سفراؤه، و سيوفه # خفراؤه، و جياده ندماؤه [3]
ما زال يغدو، و الرّكاب حداؤه، # بين الصّوارم و العجاج رداؤه
انظر إلى هذا الأنام بعبرة # لا يعجبنّك خلقه و بهاؤه [4]
بيناه كالورق النّضير تقصّفت # أغصانه و تسلّبت شجراؤه [5]
أنّى تحاماه المنون، و إنّما # خلقت مراعي للرّدى خضراؤه
أم كيف تأمل فلتة أجساده # من ذا الزّمان، و حشوها أدواؤه [6]
لا تعجبنّ، فما العجيب فناؤه # بيد المنون، بل العجيب بقاؤه
إنّا لنعجب كيف حمّ حمامه، # عن صحّة، و يغيب عنّا داؤه [7]
من طاح في سبل الرّدى آباؤه، # فليسلكنّ طريقه أبناؤه
[1] غاض وميضه: زال لمعانه و بريقه-العضب: السيف القاطع-فل مضاؤه: لم يعد يقطع، تثلّم حدّه القاطع.
[2] الفناء: سعة أمام البيت-الرواء: المنظر.
[3] يعد هذا البيت من الشعر المشهور للشريف الرضي، لما يمتاز به من المعاني المتلاحقة و لما يحمله من الصور الدالة على البطولة و من حسن اختيار اللفظ المناسب للمعنى.
[4] العبرة: العجب.
[5] تسلبت: سقطت-شجراؤه: أشجاره.
[6] الأدواء: جمع داء.
[7] حم حمامه: دنا أجله.