كم عبرة موّهتها بأناملي، # و سترتها متجمّلا بردائي
أبدي التّجلّد، للعدوّ، و لو درى # بتململي لقد اشتفى أعدائي
ما كنت أذخر في فداك رغيبة، # لو كان يرجع ميّت بفداء
لو كان يدفع ذا الحمام بقوّة # لتكدّست عصب وراء لوائي
بمدربين على القراع تفيّئوا # ظلّ الرّماح لكلّ يوم لقاء
قوم إذا مرهوا بأغباب السّرى، # كحلوا العيون بإثمد الظّلماء [1]
يمشون في حلق الدّروع كأنّهم # صمّ الجلامد في غدير الماء
ببروق أدراع و رعد صوارم، # و غمام قسطلة و وبل دماء [2]
فارقت فيك تماسكي و تجمّلي، # و نسيت فيك تعزّزي و إبائي
و صنعت ما ثلم الوقار صنيعه # ممّا عراني من جوى البرحاء [3]
كم زفرة ضعفت فصارت أنّة، # تمّمتها بتنفّس الصّعداء
لهفان أنزو في حبائل كربة، # ملكت عليّ جلادتي و غنائي [4]
و جرى الزّمان على عوائد كيده # في قلب آمالي، و عكس رجائي
قد كنت آمل أن أكون لك الفدا # ممّا ألمّ، فكنت أنت فدائي
و تفرّق البعداء بعد مودّة # صعب، فكيف تفرّق القرباء
و خلائق الدّنيا خلائق مومس # للمنع آونة، و للإعطاء
طورا تبادلك الصّفاء، و تارة # تلقاك تنكرها من البغضاء
و تداول الأيّام يبلينا كما # يبلي الرّشاء تطاوح الأرجاء [5]
[1] مرهوا: ابيضت أعينهم-الأغباب، جمع غبب: الغامض من الأرض.
[2] القسطلة: غبار الحرب-الوبل: المطر الغزير. في الأبيات الخمسة الأخيرة يعمد الشاعر الى الاستطراد، ناسيا أو متناسيا المناسبة، ليعود من ثم الى الرثاء.
[3] البرحاء: شدّة الألم و الأذى.
[4] أنزو: أتخبّط-جلادتي و غنائي: تصبّري و اكتفائي.
[5] الرشاء: الحبل-تطاوح: ترامي-الأرجاء، جمع رجا: حافة البئر.