و يطرب من لم يدرها، عند ذكرها # كمشتاق نعم، كلّما ذكرت نعم [1]
و قالوا: شربت الإثم!كلاّ، و إنّما # شربت التي، في تركها عندي الإثم [2]
هنيئا لأهل الدّير!كم سكروا بها، # و ما شربوا منها، و لكنّهم همّوا [3]
و عندي منها نشوة، قبل نشأتي، # معي أبدا تبقى، و إن بلي العظم [4]
عليك بها صرفا، و إن شئت مزجها # فعدلك عن ظلم الحبيب هو الظّلم [5]
فدونكها في الحان، و استجلها به، # على نغم الألحان، فهي بها غنم [6]
فما سكنت و الهمّ، يوما بموضع، # كذلك لم يسكن، مع النّغم، الغم [7]
و في سكرة، منها، و لو عمر ساعة، # ترى الدّهر عبدا طائعا، و لك الحكم [8]
[1] لم يدرها: لم يعرفها. نعم: اسم الحبيبة.
م. ص. من لم يدرها هو الغافل المحجوب عن رؤية الحق و الجمال و المعرفة الإلهية و نعم كناية عن الحضرة الإلهية.
[2] الإثم: من اسماء الخمر و هي صفة للخمرة المعصورة من العنب الأحمر.
م. ص. الكلام عن اللائمين و شرب الخمر عنده الغفلة عن عالم المخلوقات و الحياة مع الروح و امر اللََّه.
[3] هموا: بادروا إلى القيام بالعمل. الدير: مسكن الرهبان.
م. ص. أهل الدير كناية عن الرهبان الوارثين للمقام العيسوي ما شربوا منها كناية عن عدم وصولهم إلى معرفة النور المحمدي.
[4] النشوة: السكر. النشأة: الولادة. بلي: فني.
المعنى: أن نشوة المعرفة الإلهية تدوم معه حتى و ان بلي الجسد فهي تدوم و لو كان الجسد معدوما.
[5] عليك: اسم فعل بمعنى تمسك. الصرف: الخالص.
م. ص. عليك: خطاب للسالكين طريق المعرفة. و الصرافة في الشراب كناية عن فناء كل شيء ما خلا الوجه الحق.
[6] دونكها: اسم فعل امر بمعنى خذها. الحان: بيت الخمر. استجلها: اطلب جلاها أي صفاءها. الغنم: الربح.
م. ص. الغنم كناية عن كسب رضا اللََّه باكتساب تعاليمه و معارفه العلية.
[7] سكنت: حلّت و أقامت. الغم: الحزن.
[8] م. ص. الخطاب للمريد السالك و العبد الطائع هو العارف لأمر ربه المؤتمر بأوامره و المنتهي بنواهيه و الحكم كناية عن تحكم المريد بأمر نفسه و كبح جماحها عن الرغبات الفانية.