فأعجب لهاج، مادح عذّاله، # في حبّه، بلسان شاك، شاكر
يا سائرا بالقلب غدرا كيف لم # تتبعه ما غادرته من سائري؟ [1]
بعضي يغار عليك من بعضي، و يحسد # باطني، إذ أنت فيه ظاهري [2]
و يودّ طرفي، إن ذكرت بمجلس # لو عاد سمعا، مصغيا لمسامري [3]
متعوّدا إنجازه، متوعّدا، # أبدا، و يمطلني بوعد نادر [4]
و لبعده اسودّ الضّحى عندي، كما # ابيضّت، لقرب منه كان دياجري [5]
لن ترى
[البحر الكامل]
زدني بفرط الحبّ فيك تحيّرا، # و ارحم حشى بلظى هواك تسعّرا [6]
[1] غدرا: تركا. سائري: بقيتي.
م. ص. السائر هو المحبوب الحقيقي. و المقصود من الخطاب كيف لم تأخذ مع قلبي ما تبقى مني ظاهرا و باطنا.
[2] البعض الأول: هو الجسد و البعض الثاني: القلب.
[3] الطرف: النظر. المسامر: صديق الليل.
م. ص. المسامر هو المحبوب الحقيقي و السمع هو الاذن المرهفة لسماع الأوراد و الآيات.
[4] الإنجاز: إيفاء الوعد. يمطلني: يخلف وعدي. نادر: قليل الحصول.
م. ص. ان اللََّه تعالى إذا توعد عبده بالشرّ أنجز وعده تطهيرا لنفس العبد و إذا وعده بالخير اجّل ذلك إلى الآخرة ليكمل الجزاء.
[5] الضحى: اوائل الصباح. الدياجر: واحدها الديجور و هو الليل الشديد السواد.
و المعنى: ان الدنيا و الصباح اسودا في عينيه لبعد المحبوب الحقيقي. بينما كانت لياليه السوداء ضحى و بياضا عند ما كانت علاقته بالحق وطيدة.
م. ص. الضحى كناية عن الأنوار الربانية التي تضيء صدر العارف و الديجور كناية عن ظلمة الأكوان و تخبط البعيدين عن أمر الحق بها.
و الحمد للََّه
[6] فرط من الإفراط و هو المجاوزة في الحد. الحشى: الأمعاء. اللظى: اللهيب.
السعر: الاشتعال.
المعنى الصوفي: الحيرة في اللََّه تعالى هي المحبة الحقيقة.
و اللهيب و السعر كناية عن العلوم و الأنوار الربانية التي تتألق في نفس المريد.