كلّ يوم، فتشرف [ (1)]. على جدار الكعبة، فكانت ممّا يهابون، و ذلك أنّه كان لا يدنو منها أحد إلّا احزألّت [ (2)] و كشّت [ (3)] و فتحت فاها، فكانوا يهابونها، فبينا هي يوما تشرف [ (4)] على جدار الكعبة بعث اللَّه إليها طائرا فاختطفها، فذهب بها [ (5)]، قال: فاستبشروا بذلك، ثم هابوا [ (6)] هدمها.
فقال الوليد بن المغيرة: أنا أبدؤكم في هدمها، فأخذ المعول و هو يقول: اللَّهمّ لم ترع، اللَّهمّ لم نرد إلّا خيرا. ثم هدم من ناحية الرّكنين [ (7)]، و هدموا حتى بلغوا أساس إبراهيم- (عليه السلام)- فإذا حجارة خضر آخذ بعضها ببعض.
ثم بنوا، فلمّا بلغ البنيان موضع الرّكن، يعني الحجر الأسود، اختصموا فيمن يضعه، و حرصت كلّ قبيلة على ذلك حتى تحاربوا و مكثوا أربع ليال.
ثمّ إنّهم اجتمعوا في المسجد و تناصفوا فزعموا أنّ أبا أميّة بن المغيرة، و كان أسنّ قريش، قال: اجعلوا بينكم فيما تختلفون أول من يدخل من باب المسجد، [ (8)] ففعلوا،
فكان أوّل من دخل عليهم رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم)، فلما رأوه قالوا: هذا الأمين رضينا به، فلمّا انتهى إليهم أخبروه الخبر فقال: «هاتوا لي ثوبا» [ (9)] فأتوا به، فأخذ الركن بيده فوضعه في الثوب، ثم قال: «لتأخذ
[ (1)] في السيرة 1/ 224 «فتتشرّق».
[ (2)] اجزألّت: رفعت ذنبها.
[ (3)] كشّت: صوّتت.
[ (4)] في السيرة 1/ 225 «تتشرّق» و كذا في السير 104.