بالعربية عطيّة، و إنّما النّجاشيّ اسم الملك، كقولك كسرى و هرقل [ (1)].
و في حديث جابر، أنّ النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و سلم) صلّى على أصحمة النّجاشيّ [ (2)]، و أمّا قوله «مصحمة» فلفظ غريب.
ذكر شعب أبي طالب و الصّحيفة
قال موسى بن عقبة، عن الزّهري قال: ثم إنّهم اشتدّوا على المسلمين كأشدّ ما كانوا، حتى بلغ المسلمين الجهد، و اشتدّ عليهم البلاء، و اجتمعت قريش في مكرها أن يقتلوا رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) علانية، فلمّا رأى أبو طالب عملهم جمع بني هاشم [ (3)] و أمرهم أن يدخلوا رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) شعبهم و يمنعوه ممّن أراد قتله، فاجتمعوا على ذلك مسلمهم و كافرهم، فمنهم من فعله حميّة، و منهم من فعله إيمانا، فلمّا عرفت قريش أنّ القوم قد منعوه أجمعوا أمرهم أن لا يجالسوهم و لا يبايعوهم، حتى يسلموا رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) للقتل، و كتبوا في مكرهم، صحيفة و عهودا و مواثيق، لا يقبلوا من بني هاشم أبدا صلحا، و لا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموه للقتل.
فلبث بنو هاشم في شعبهم، يعني ثلاث سنين، و اشتدّ عليهم البلاء، و قطعوا عنهم الأسواق [ (4)]، و كان أبو طالب إذا نام النّاس أمر رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) فاضطجع على فراشه، حتى يرى ذلك من أراد مكرا به و اغتياله، فإذا نام النّاس أمر أحد بنيه أو إخوته فاضطجع على فراش رسول
[ (1)] السير و المغازي 220.
[ (2)] انظر صحيح البخاري 4/ 246 كتاب هجرة الحبشة، باب موت النجاشي.
[ (3)] في الأصل «بني أميّة».
[ (4)] في حاشية الأصل: «قال الحافظ أبو الحسن أحمد بن يحيى البلاذري، أنا المدائني، عن أبي زيد الأنصاري، عن أبي عمرو بن العلاء، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: حصرنا في الشعب ثلاث سنين، و قطعوا عنّا الميرة حتى إنّ الرجل ليخرج بالنفقة فلا يبتاع شيئا حتى مات منّا قوم».