بمسلك الطريقية أو السببية، فإنّ الدليل على جواز القراءة بكل قراءة كما يقتضي التخيير بين القراءات عند اختلافها كذلك الدليل على جواز الاستدلال بكل منهما، و لا يضر بذلك كون الأصل في المتعارضين التساقط على الطريقية، و التخيير على مسلك السببية، و إن كان المراد صورة عدم قيام الدليل على جواز الاستدلال بكل قراءة فالمناسب أن يقول: فلا بد في صورة اختلاف القراءات الرجوع إلى الأصل أو العموم و الإطلاق حسب اختلاف المقامات من غير حاجة إلى إضافته.
قد يقال: إنّ الاختلاف في القراءة في آية فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ[1] أو يتطهّرن لا يضر بالاستدلال بها، فإنّ اختلاف القراءة أو اشتباه الحجة باللّاحجة فيها يرتفع في مقام الاستدلال بما ورد فيها فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ[2] فإنّ قوله سبحانه فَإِذا تَطَهَّرْنَ يعيّن الغاية في الأمر باعتزالهن و عدم جواز الدخول بهن.
و لكن لا يخفى أنّ هذا وهم، فإنّ قوله سبحانه فَإِذا تَطَهَّرْنَ تفريع على الغاية فإن كانت الغاية حَتَّى يَطْهُرْنَ الظاهر في حصول النقاء يكون التفريع للتصريح ببعض المفهوم، و إن كان يتطهّرن يكون التفريع بيان تمام مفهوم الغاية، و على الجملة التفريع لا يرفع الاشتباه و الترديد في الغاية، نعم لو كان قوله سبحانه فَإِذا تَطَهَّرْنَ بلا تفريع كان ذلك موجبا لارتفاعهما.