ضرورة أن حجية الظن عقلا- على تقرير الحكومة في حال الانسداد- لا توجب صحتهما، فلو فرض صحتهما شرعا مع الشك في التعبد به لما كان يجدي في الحجية شيئا ما لم يترتب عليه ما ذكر من آثارها، و معه لما كان يضر عدم صحتهما أصلا، كما أشرنا إليه آنفا.
و الافتراء ما لم يكن مظهرا للبناء و التزامه قولا، و يتحقق بعد إظهاره بالقول كذلك ما لم يكن في الخارج فعل خارجي مظهر لبنائه لا يعدّ تشريعا و افتراء عملا نظير الإخبار عن الشيء بالفعل، فالفعل المأتي به بالبناء و القصد المزبور يكون من الافتراء و الكذب على اللّه قولا، و عنوان الافتراء عليه محكوم بالحرمة بالكتاب المجيد و الروايات، و المناقشة في الاستدلال على حرمته بقوله سبحانه آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ[1] و بما ورد من الروايات الدالّة على حرمة الافتراء ضعيفة، و لا يخفى أنّ من الثمرة المترتبة على القول بأنّ المجعول في باب اعتبار الأمارة اعتبارها علما، و بين القول بأنّ المجعول لها الحجية انحصار اعتبارها على موارد التكاليف و الأحكام الشرعية على الثاني فإنّه لا يعقل جعل التنجيز و التقدير لها إلّا في تلك الموارد، و أما الأمارة القائمة بعوالم القبر و الآخرة و غيرها من الامور الراجعة إلى العقائد و نحوها فلا يعقل فيها التنجيز و التعذير، و كذا الحال بناء على أنّ معنى اعتبارها جعل مؤدّاها حكما شرعيا طريقيا، و أما بناء على اعتبارها علما فلا ينحصر اعتبارها على موارد الأحكام و موضوعاتها، بل يعمّ غيرها فتكون نتيجة الاعتبار في الموارد المشار اليها جواز الإخبار بها حيث بقيام خبر الثقة بذلك الأمر يثبت العلم به و يترتب على العلم به جواز الإخبار به للغير.