فصل هل قضية المقدمات على تقدير سلامتها هي حجية الظن بالواقع
، أو بالطريق، أو بهما؟ أقوال:
و التحقيق أن يقال: إنه لا شبهة في أن همّ العقل في كلّ حال إنما هو تحصيل الأمن من تبعة التكاليف المعلومة، من العقوبة على مخالفتها، كما لا شبهة في استقلاله في تعيين ما هو المؤمّن منها، و في أن كلما كان القطع به مؤمّنا في حال الانفتاح كان الظن به مؤمّنا حال الانسداد جزما، و إن المؤمّن في حال الانفتاح هو القطع بإتيان المكلف به الواقعي بما هو كذلك، لا بما هو معلوم و مؤدى الطريق و متعلق العلم، و هو طريق شرعا و عقلا، أو بإتيانه الجعلي، و ذلك لأن العقل قد استقل بأن الإتيان بالمكلف به الحقيقي بما هو هو، لا بما هو مؤدى الطريق مبرئ للذمة قطعا.
كيف؟ و قد عرفت أن القطع بنفسه طريق لا يكاد تناله يد الجعل إحداثا و إمضاء، إثباتا و نفيا، و لا يخفى أن قضية ذلك هو التنزل إلى الظن بكل واحد من الواقع و الطريق، و لا منشأ لتوهم الاختصاص بالظن بالواقع إلّا توهم أنه قضية الظنية و عدم جواز الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية بعد قيام الدليل على عدم إهمالها رأسا، و ذلك لقبح ترجيح المرجوح، و على ذلك فاللازم على المجتهد تحصيل الظن بالتكليف في كل واقعة ليعمل به هو أو مقلدوه، و مع عدم إمكان تحصيل الظنّ أو عدم حصوله يكون المرجع الأصل النافي، إلّا إذا كان في خصوص المسألة علم إجمالي بالتكليف فيها، و قد ذكر الماتن (قدّس سرّه) و غيره بأنه عند الدوران يتعيّن تقديم الإطاعة الظنية لاستقلال العقل بقبح ترجيح المرجوح على الراجح، إلّا أنه لا تصل