الشرطين مع تحقّقهما كما في قوله «إذا خفي الأذان فقصّر و إذا خفي الجدران فقصّر» حيث يعلم بعدم وجوب أزيد من خمس صلوات على المكلّف في كلّ يوم و ليلة يقع التعارض بين الشرطيتين بالإضافة إلى أحد الإطلاقين من غير معيّن، و لذا لو لم نقل بالمفهوم أيضا لوقع التعارض بين المنطوقين لظهور كلّ منهما في حدوث وجوب القصر بحصوله حتّى فيما إذا كان حصول الآخر قبله.
و الحاصل أنّه لا يمكن فيهما أن يكون كلّ من خفاء الأذان و خفاء الجدران موضوعا لوجوب القصر، نظير مجيء زيد و وصول كتابه، و عليه فيعود ما تقدّم من أنّه لو قيل بعدم المفهوم للقضية الشرطية يكون مفاد الشرطيتين وجوب صلاة الظهر قصرا بخفاء الأذان و حدوث وجوب قصر آخر بخفاء الجدران مع أنّ المعلوم عدم ثبوت كلا الحكمين معا بل الثابت وجوب صلاة واحدة قصرا، فلا بدّ من أن يكون الموضوع له إمّا خفاء الأذان و خفاء الجدران معا أو أحدهما بلا تعيين، و لا بدّ من تقييد الشرطين حتّى بناء على عدم المفهوم أيضا، إمّا بمفاد واو الجمع أو بمفاد أو العاطفة، و مع عدم القرينة لخصوص أحدهما تكون الشرطيتان مجملتين يحكم بوجوب القصر عند خفائهما معا، و في غيره يرجع إلى أصل لفظي أو عملي على ما تقدّم في كلام المحقق النائيني (قدّس سرّه).
فإنّه يقال: في فرض العلم باتّحاد الجزاء في الشرطيتين و أنّ الصلاة الواجبة على المكلّف قصرا لا تزيد على صلاة واحدة نعلم قطعا بعدم تكرار حدوث وجوب القصر بحدوث كلّ من الشرطين سواء كان الموضوع لوجوب القصر مجموع الخفاءين أو خصوص الحاصل منهما أوّلا، و على ذلك فظهورهما في حصول الجزاء و حدوثه في فرض حدوثهما تدريجا ملغى عن الاعتبار يقينا.