إذا نسخ الوجوب فلا دلالة لدليل الناسخ و لا المنسوخ، على بقاء الجواز بالمعنى الأعم، و لا بالمعنى الأخص [1]، كما لا دلالة لهما على ثبوت غيره من الأحكام، ضرورة أن ثبوت كل واحد من الأحكام الأربعة الباقية بعد ارتفاع الوجوب واقعا ممكن، و لا دلالة لواحد من دليلي الناسخ و المنسوخ- بإحدى الدلالات- على تعيين واحد منها، كما هو أوضح من أن يخفى، فلا بد للتعيين من دليل آخر، و لا مجال لاستصحاب الجواز، إلّا بناء على جريانه في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي، و هو ما إذا شك في حدوث فرد كلي مقارنا لارتفاع فرده الآخر، و قد حققنا في محله، أنه لا يجري الاستصحاب فيه، ما لم يكن الحادث المشكوك من المراتب القوية أو الضعيفة المتصلة بالمرتفع، بحيث عد عرفا- لو كان- أنه باق، لا أنه أمر حادث غيره.
اقتضاء نسخ الوجوب للجواز و عدمه
[1] المراد من الجواز بالمعنى الأعم عدم حرمة الفعل، فيحتمل كونه على وجه الاستحباب، أو على وجه الكراهة، أو على وجه الإباحة الخاصة، و يعبّر عن الجواز بالمعنى الأعمّ، بالإباحة بالمعنى الأعمّ أيضا في مقابل الإباحة بالمعنى الأخصّ، و الجواز بالمعنى الأخصّ عبارة عن الإباحة بالمعنى الأخصّ التي تعدّ من الأحكام الخمسة التكليفية.
و قد ذكر الماتن (قدّس سرّه) تبعا لغيره أنّه إذا نسخ وجوب فعل فلا دلالة لدليل الناسخ و لا لخطاب الحكم المنسوخ على كون الفعل بعد ذلك جائزا بالمعنى الأعم، كما لا يدلّ شيء منهما على كونه جائزا أي مباحا بالمعنى الأخصّ، بل يدور أمر ذلك