و عليه فيمكن أن يكون أحد الضدين مع الضد الآخر في مرتبة واحدة و لا يكون ترك أحدهما مع فعل الآخر في رتبة واحدة و بتعبير آخر الملاءمة بين الأمرين قد تقتضي تقدم أحدهما على الآخر كالملاءمة بين العلة و المعلول و قد لا تقتضي كالملاءمة بين عدم العلة و عدم المعلول، فالملاءمة لا بنفسها تكون دليلا على المساواة في الرتبة و لا عدمها يقتضي المساواة أيضا كما في عدم ملائمة المانع مع الممنوع.
و ممّا ذكرنا من عدم توقف فعل أحد الضدين على ترك الآخر و لا توقف عدم أحدهما على فعل الآخر ظهر بطلان ما نسب إلى العضدي و الحاجبي من توقف فعل أحد الضدين على ترك الآخر و توقف ترك الآخر على فعله، كما ظهر بطلان شبهة الكعبيّ بانتفاء المباح استنادا إلى أنّ ترك المحرمات يتوقف على الأفعال المباحة فتكون فعلها واجبة.
ثمّ إنّ هذا كلّه بناء على مسلك الماتن (قدّس سرّه) و غيره من توقف الأفعال الاختيارية كسائر الممكنات، على العلة التامة و أنّ إرادة الفعل علّة له.
و أمّا بناء على ما سلكناه في بحث الطلب و الإرادة من خروج الأفعال الاختيارية عن تلك القاعدة حيث إنّ قدرة الفاعل بنفسها كافية في صدور الفعل عنه و أنّ ما يعدّ من مبادئ الإرادة لا يكون إلّا مرجّحا عند الفاعل في اختياره و إعمال قدرته في أحد طرفي الشيء، فلا تكون الإرادة علّة تكوينيّة للفعل الاختياري على ما ذكروه بل هي مرجح لاختيار الفعل و صرف القدرة لايجاده، كما لا معنى لكون فعل الضد