مقدّمته، من المباحث الاصولية التي يثبت بها- على تقدير عدم الاقتضاء- صحّة العبادة المضادّة للمأمور به مع ضمّ إمكان الترتّب أو كفاية الملاك في صحّة العمل عبادة، كما يستنبط منها بطلان العبادة على تقدير الاقتضاء بضميمة مسألة أنّ النهي عن العبادة و لو غيريّا يوجب فسادها، إذ مع النهي المزبور لا يمكن إحراز الملاك في تلك العبادة التى يعمّها متعلّق الأمر بطبيعيه لو لا النهي الغيري. و مما ذكرنا ظهر أنّ الحكم بصحّة العبادة المضادّة للمأمور به يحتاج إلى ضمّ مقدّمة أخرى، و إن لم تكن تلك المقدّمة من المسائل الاصولية المستقلّة، بل يكون البحث فيها في ضمن بعض مسائلها كبحث الترتّب أو كفاية الملاك في وقوع العمل عبادة.
لا يقال: لا حاجة إلى هذا التطويل لإدخال مسألة الاقتضاء في المسائل الاصولية، فإنّ الملاك في كون المسألة اصولية- كما مضى في بحث المقدّمة- هو أن يستنبط من نتيجتها بعد إحراز صغراها، الحكم الفرعى الكلّي بأن تكون نتيجة القياس أمرا يلازم الحكم الشرعي الفرعي الكلّي، كما تقدّم في بحث الملازمة بين إيجاب شيء و إيجاب مقدّمته، فإنّه يستفاد منها الملازمة بين إيجاب الصلاة و إيجاب مقدّماتها، فينتقل إلى وجوب الوضوء و تطهير الثوب و البدن و غيرهما من شرائطها عند وجوب الصلاة و فيما نحن فيه أيضا إذا بنينا على الاقتضاء بين وجوب فعل و حرمة ضدّه الخاصّ مثلا يقع هذا الاقتضاء- أي الملازمة- في طريق استنباط الحرمة الغيرية لضدّ الواجب، كالصلاة بالإضافة إلى وجوب الإزالة. و بالجملة نفس الحرمة الغيرية حكم فرعي يثبت لضدّ الواجب و يستنبط من نتيجة هذه المسألة، و هي ثبوت الاقتضاء.
فإنّه يقال: لا تقاس الحرمة الغيرية الشرعية بالوجوب الغيري الشرعي، فإنّ الوجوب المزبور لكونه مصحّحا للتقرّب بالإتيان بمتعلّقه بداعويته كان مهمّا،