و ارتباط خاصّ بينهما، ناش من تخصيصه به تارة، و من كثرة استعماله فيه أخرى، و بهذا المعنى صحّ تقسيمه إلى التعييني و التعيّني، كما لا يخفى.
الارتباط صحيح، إلّا أنّه معلول للعلم بالوضع فيكون الوضع غير الارتباط المفروض. و إن أراد من الاختصاص أمرا آخر فلا نعرفه.
و قد يقال في المقام كما عن المحقق الأصفهاني (قدّس سرّه): إن الارتباط بين اللفظ و المعنى مما يلازم الوضع و ليس عينه، بل الوضع أمر اعتباري يشبه وضع العلم على الأرض أو الحجر على الحجر لغرض ما، غاية الأمر الوضع في المثالين حقيقي، يندرج تحت مقولة الوضع و في اللفظ اعتباري لا يندرج تحت أيّ مقولة، فلا يكون مما بإزائه شيء في الخارج، و لا ممّا له منشأ انتزاع خارجي.
و يشهد لذلك أنّ الارتباط حاصل بين طبيعيّ اللفظ و طبيعيّ المعنى، و لو مع الإغماض عن وجود اللّفظ خارجا أو ذهنا، بحيث لو لم يتلفّظ أحد بلفظ الماء مثلا و لم يوجد معناه في ذهن أحد، لكان الارتباط بين لفظه و معناه موجودا، و من ذلك يظهر أنّ الوضع ليس من الأمور الاعتبارية الذهنية نظير الكليّة و الجزئيّة و النوعية و الجنسيّة، لأنّه لو كان كذلك لاحتاج إلى لحاظ اللّفظ و لكان المعروض ذهنيا مع أنّ الاختصاص الوضعي حاصل لطبيعي اللّفظ لا بما هو موجود ذهنا و لا بما هو موجود خارجا.
و دعوى أنّ قول الواضع: (وضعت هذا اللّفظ) منشأ لانتزاع الوضع فيكون من الأمور الانتزاعية- نظير ما يقال من أنّ قول البائع: (بعت المال) منشأ لانتزاع الملكية، فتوجد الملكية بمنشإ الانتزاع- لا يمكن المساعدة عليها، فإنّ الأمر الانتزاعي من منشأ يحمل العنوان الاشتقاقي المأخوذ منه، على منشئه مع أنّ العنوان الاشتقاق من الملكية و الوضع لا يحمل على صيغة بعت و لا على صيغة وضعت.
و يشهد أيضا لعدم كون اختصاص اللّفظ بالمعنى، معنى مقوليا، اختلاف أنظار