فان قلت: ان اردت من الطريق الذي يرتفع به موضوع الاصول ما يحكى عن الواقع الاولى فلا اشكال في عدم كون الاستصحاب كذلك، و ان اردت منه مطلق الاحكام الظاهرية التى جعلت بملاحظة الاحكام الواقعية من دون ملاحظة انفسها فلا اشكال في اشتراك الاحكام المجعولة في ساير الاصول معه في ذلك، و حينئذ فاى واحد من الاستصحاب و الاصل الآخر يقدم يرفع موضوع صاحبه، اذ كما يصدق بعد مجىء الحكم بالاستصحاب أنه واجد للطريق الى الحرمة مثلا، بالمعنى الذي ذكرنا، يصدق بعد مجىء الترخيص بادلة البراءة أنه واجد للطريق الى الترخيص كذلك.
قلت: نعم كون المكلف ذا طريق الى الترخيص [1] بالمعنى الذي ذكرنا انما هو بعد جعل الترخيص الظاهرى الذي هو مفاد ادلة البراءة، و اما كونه ذا طريق الى الحرمة المحققة في الزمن السابق: فبالمدلول الاولى من ادلة الاستصحاب، لانها حاكمة ببقاء الطريق في حال الشك ايضا، فواجدية المكلف الطريق الى الحرمة السابقة بمقتضى ادلة الاستصحاب مقدمة على واجديته الطريق الى الترخيص بمقتضى دليل البراءة، اذ هي في مرتبة الترخيص الملزوم لانجعال الطريق، و بعبارة اخرى: بعد تحقق موضوع الاستصحاب و اصالة البراءة مع قطع النظر عن دليلهما دليل الاستصحاب متصد لرفع موضوع اصالة البراءة اولا، و اما دليل البراءة لا يتصدى لذلك اولا، بل هو لازم للحكم المستفاد منه، فموضوع الاستصحاب باق في رتبة الحكم المستفاد من دليل
[1] لا يخفى ان لسان «لا تعتن بشكك» كما هو مفاد دليل الاستصحاب حاكم على لسان «حكم شكك كذا» من غير فرق بين اخذ الشك فيهما صفة او بمعنى عدم الطريق، كما ان لسان «لا ينبغي لك ان تشك» كما هو مفاد دليل حجية الامارة حاكم على الاولين، من غير فرق بين الصورتين، غاية الامر انه لو جعل الشك بمعنى عدم الطريق يصير نتيجة هذه الحكومة هو الورود. (م. ع. مدّ ظلّه).