و لا فسوق و لا جدال في الحج»، بمعنى سدّ ابواب تلك الامور شرعا، و كذا سدّ ابواب الضرر، سواء كان حكم الشرع ام اضرار بعض الناس بعضا، بعدم جعل الاول، و تحريم الثاني، و ايجاب التدارك على فرض العصيان.
و اما النسبة بينها و بين سائر الادلة فالظاهر انها الحكومة لا بمعنى شرحها بمفادها اللفظي لمفادها، بل بمعنى كون مفاد تلك حكما على الموضوع و مفاد هذه حكما على الحكم، لما عرفت من اشتمالها على نفي الحكم الضرري، و كلّما تحقق ذلك بين دليلين فالمقدم هو الثاني، لانه بمفاده يفيد خلاف ما افاده الاصل العقلائي في الآخر، حيث انه يدل على ثبوت الارادة اللبية مع الاستعمالية، و هذا يدل على الانفكاك، و ليس وجه التقديم كون مفاد الادلة حكما حيثيا و مفاد هذه فعليّا، بعد ثبوت اطلاق الادلة لمورد الضرر، فكيف يحكم بكونها حيثيا.
و لو فرض تعارض فردين من الضرر، او الضرر و الحرج، فالظاهر انه من باب التزاحم لاحراز الملاك في الطرفين، و على هذا فلا بد من ملاحظة مراتب الضرر قلة و كثرة و ترجيح جانب الاقل، فلو كان ضرر صاحب الدار على تقدير ترك حفر البئر اقل من ضرر الجار على تقدير الحفر فلا بد من منعه عنه، و لو كان العكس يحكم بالجواز مع ضمانه لضرر الجار، و لكن لا يساعد مع ما ذكرنا كلمات الاصحاب حيث صرّحوا بتقديم جانب صاحب الدار، من دون ملاحظة مراتب الضرر و لا الحكم بالضمان، فان كان نظرهم الى تساقط الضررين بعد التعارض ثم الرجوع الى قاعدة السلطنة، ففيه اوّلا انه ليس من باب التعارض بل من باب التزاحم كما عرفت، و ثانيا انه لا يصح الرجوع الى قاعدة السلطنة، بعد عدم كونها مشرّعة كما قرر في محله.
بقي الكلام: فيما تعرضوا له في المقام، من عدم وجوب تحمل الضرر لدفعه عن الغير، و من عدم جواز اضرار الغير لدفعه عن النفس.
اما الاول فيمكن دعوى عدم استفادة وجوب صرف الضرر عن الغير من القاعدة مطلقا.
و لو لم يكن بتوجيهه الى النفس.
و اما الثاني فيمكن ان يكون وجهه ان تجويز الشارع لاضرار الغير يكون بنفسه عدم المانع من علة ضرر الغير، و تحريمه له يكون علة لعدم المانع من ضرر النفس، و ارتكاب علة عدم المانع-