هذا النوع، أعني الإلغاز، يسمّى «المحاجاة» و «التعمية» ، و هي أعمّ أسمائه، و هي [2] : أن يأتي المتكلّم بعده في [3] ألفاظ [4] مشتركة، من غير ذكر الموصوف، و يأتي بعبارات يدلّ ظاهرها على غيره، و باطنها عليه، و أبدع ما فيه أنّه لم يسفر في أفق الحلى [5] عن [6] غير وجه التورية، و أمّا تعسّف الفرقة التي ليس لها إلمام بالتورية في الإلغاز فأمرهم مسلّم [7] إليهم، و أمّا علماء هذا الفنّ فما [8] قرّروا غير [9] ما قرّرناه، فمن ذلك قول أبي العلاء المعرّيّ [10] في «إبرة» [من الطويل]:
سعت ذات سمّ في قميصي فغادرت # به أثرا و اللّه شاف من السّمّ
كست قيصرا ثوب الجمال و تبّعا # و كسرى و عادت و هي عارية الجسم [11]
و مثله قول [12] ابن حرّاز [13] في «خيمة» [من الطويل]:
[11] البيتان لم أقع عليهما في دواوينه؛ و هما له في نفحات الأزهار ص 131؛ و تحرير التحبير ص 580؛ و هما ممّا أنشده الفاضل عفيف الدين عليّ بن عدلان النحويّ.