الرحمن بن قبة [1] في الإمكان بايّ المعنيين فانتظر.
176- قوله: و يظهر من الدليل المحكيّ عن ابن قبة. (ص 40)
أقول: يعني من دليله الثاني و هو تحليل الحرام و عكسه، و إلّا فدليله الأوّل مختصّ بخبر الواحد كما لا يخفى.
177- قوله: و الثاني أنّ العمل به موجب لتحليل الحرام و تحريم الحلال. (ص 40)
أقول: يريد أنّ التعبّد به موجب لذلك المعنى، يعني أنّ جعل الشارع خبر الواحد حجّة يوجب تحليل الحرام و إلّا فنفس [العمل] بالخبر لا يوجب تحليل الحرام و ذلك واضح، و في التعبير المذكور مسامحة.
ثمّ إنّه لم يتبيّن وجه فساد تحليل الحرام و عكسه و هو يحتمل وجوها:
أحدها: أنّ ذلك من جهة استلزامه نقض الغرض، فإنّ من يحرّم شيئا لغرض ثمّ يرخّص في فعله فقد نقض غرضه الأوّل و ذلك قبيح.
ثانيها: أنّ ذلك مستلزم للنهي عن ذي المصلحة أو الرخصة في ذي المفسدة، لأنّ الفعل لا يخلو عن كونه في الواقع ذا مصلحة أو ذا مفسدة، فإن كان الأوّل فالنهي قبيح و إن كان الثاني فالرخصة قبيحة،
و على هذين الوجهين فإنّه لم ينكر الإمكان الذاتي بل العرضي من حيث لزوم القبح الذي لا يجوز على الحكيم.
ثالثها: أنّ ذلك من جهة تضادّ الحكمين كما في مسألة اجتماع الأمر و النهي، و حينئذ فإن قلنا بأنّ الطلب عين الإرادة فيكون تحليل الحرام محالا ذاتيّا لاستحالة تعلّق الإرادة و الكراهة بفعل واحد قطعا، و إن قلنا بأنّ الطلب هو الإنشاء أو الإرادة
[1]- محمد بن عبد الرحمن بن قبة من أعلام القرن الرابع.