ثمّ إنّ الظاهر إذا نوى الانفراد جريان حكم المنفرد عليه من محلّ نيّته حتى لو كان في أثناء قراءة الحمد أو السورة وجب عليه إتمامهما خاصّة لا استئنافهما من الأوّل و لا سقوطهما من رأس (1). بل لعلّه كذلك في أثناء الكلمة الواحدة فضلًا عن غيرها. إلّا أنّ الإنصاف أنّ للتأمّل فيه بل و فيما هو بمنزلة الواحدة مجالًا (2).
و كيف كان فالظاهر جواز نيّة الانفراد في جميع أحوال الصلاة، و لا يشترط الدخول معه في ركن، فلو أدركه في أثناء القراءة و فارق قبل الركوع صحّ (3).
(1) كما صرّح به جماعة.
(2) لكن في التذكرة [1] بل و تعليق الإرشاد [2] و المسالك و عن نهاية الإحكام و الغريّة أنّه يعيد السورة التي فارق فيها [3]، بل استوجه في الذكرى استئناف القراءة مطلقاً؛ لأنّه نوى الانفراد في محلّ القراءة 4 فوجبت عليه؛ لأصالة عدم سقوطها. و الأوّل أقوى، تحكيماً لإطلاق أدلّة الضمان و إن كان الأحوط الاستئناف بنيّة القراءة المطلقة، هذا. و في المسالك: أنّه بناءً على القول «بإعادة السورة التي فارق فيها لو كان الإمام قد تجاوز نصف السورة لم يجز له العدول عنها، و كذا لو كانت مفارقته في الجحد و التوحيد مطلقاً في غير الجمعتين، و على القول الآخر له قراءة أيّ سورة شاء» [5]. و فيه بحث.
(3) كما صرّح به في المسالك و الروض [6]. و احتمال توقّف انعقاد الجماعة على إدراك ركوع الركعة الاولى- بحيث إن لم يركع معه ينكشف أن لا ائتمام- واضح الفساد: 1- لمنافاته لإطلاق أدلّة الدخول في الجماعة. 2- و خصوص صحيح ابن الحجّاج عن أبي الحسن (عليه السلام)[7] الوراد في الجمعة المشتمل على المفارقة في ركوع الاولى للزحام. 3- و ما ستسمعه من الإجماع المحكيّ على إدراك الجماعة و إدراك الركعة بإدراك الإمام قبل الركوع في المسألة التاسعة من مسائل هذا الكتاب.
4- و لإطلاق الفتاوى في المتابعة و غيرها. و النصوص [8] الدالّة على عدم الإدراك إذا لم يدرك الركوع يراد منها- كما لا يخفى على من لاحظها- ابتداءً الائتمام لا من حصل منه ذلك و اتصف بوصف المأموميّة و تحمّل الإمام القراءة عنه. 5- و للخبر الذي استدلّ به الفاضل في المنتهى على أصل جواز نيّة الانفراد 9 راوياً له عن ابن بابويه، قال: كان معاذ يصلّي في مسجد على عهد رسول اللّٰه (صلى الله عليه و آله و سلم) و يطيل القراءة و أنّه مرّ به رجل فافتتح سورة طويلة فقرأ الرجل لنفسه و صلّى ثمّ ركب راحلته فبلغ ذلك النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) فبعث إلى معاذ فقال: «يا معاذ: إيّاك أن تكون فتّاناً، عليك بالشمس و ضحاها و ذواتها» [10]. و إن كان هو لا صراحة فيه بالركعة الاولى، كما أنّه لا صراحة فيه على ما استدلّ به الفاضل عليه من جواز نيّة الانفراد؛ لعدم ثبوت حجّية فعل ذلك الرجل، و عدم ثبوت تقرير النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) له. اللهمّ إلّا أن يكون هو الذي أبلغ النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم)- كما رواه الجمهور [11]- و مع ذا لم ينكر عليه و لم يأمره بالإعادة. و على كلّ حال [فلا إشكال في عدم ...].