و من ذلك كلّه يظهر وجه الإشكال في قول المصنّف و غيره بالأفضليّة.
بل ربّما كان مقطوعاً بها عندهم، حتى أنّ الشهيد في اللمعة لمّا قال: «و أفضله التكبير ثلاثاً رافعاً بها يديه ثمّ التهليل بالمرسوم ثمّ التسبيح» ( [1]) و كان ظاهره الترتيب في الفضيلة، تأوّله الشارح بأنّ المراد من «ثمّ» التعقيب من حيث الرتبة لا الفضيلة، قال: «و إلّا فهو أفضله مطلقاً، بل روي ( [2]) أنّه أفضل من ألف ركعة لا يسبّح عقيبها» ( [3]).
و لا يخفى عليك ما في إضرابه الذي أراد منه الترقّي.
و كذا تأوّل غيره ما في النافع و عن التبصرة من أنّ أقلّه تسبيح الزهراء (عليها السلام) ( [4]) بإرادة الأخفّ قال: «و إلّا فهو أفضله قطعاً، كما صرّح بذلك جمهور الأصحاب» ( [5]). و عن البهائي: أنّ ذلك [/ أفضلية تسبيح الزهراء (عليها السلام)] يوجب تخصيص حديث «أفضل الأعمال أحمزها» ( [6]) اللّهمّ إلّا أن يفسّر: بأنّ أفضل كلّ نوع من أنواع الأعمال أحمز ذلك النوع ( [7]). إلى غير ذلك ممّا يشير إلى معلوميّة أفضليّته، و لعلّهم عثروا على ما لم نعثر عليه؛ إذ لم يصل إلينا إلّا ما عرفت.
و أمّا صحيح ابن مسلم: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن التسبيح؟ فقال: «ما علمت شيئاً موظّفاً غير تسبيح الزهراء (عليها السلام)، و عشر مرّات بعد الغداة تقول: لا إله إلّا اللّٰه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت و يميت و يحيي، بيده الخير و هو على كلّ شيء قدير، و لكنّ الإنسان يسبّح ما شاء تطوّعاً» ( [8]) فلا دلالة فيه على التعقيب به، و مخصوص بكثير ممّا ورد توظيفه من التسبيحات و الأذكار.
و ربّما يكون أخذوه من تتبّع النصوص الواردة فيه، و فيما ترتّب عليه، و في شدّة الحث عليه فرجّحوه على غيره الذي لو قيس ما ورد فيه إلى ذلك لكان أقصر منه بمراتب، و فيه منع.
كما أنّه قد يمنع دعوى الإجماع على ذلك؛ إذ قد سمعت ما في النافع و اللمعة.
و في الدروس: «و تسبيح الزهراء (عليها السلام) من أفضله» ( [9]) و هو ظاهر في عدم ذلك.
بل لم يذكر في الذكرى ( [10]) كإشارة السبق سوى تعداده ( [11]) في جملة الامور التي يعقّب بها.