بل قد يقال [ثانياً] بكون المقام كتعارض المندوبات و المكروهات و المندوب مع المكروه في العمل، فلو جهر في القنوت حصل ثواب الجهر و إن فعل مكروهاً من حيث الإسماع كالعكس، فلا يكون من تعارض العموم من وجه، لكنّه لا يخلو من تأمّل، و الأمر سهل.
و كيف كان فقد صرّح الصدوق في الفقيه بجواز القنوت بالفارسيّة حاكياً له عن الصفّار ( [1]).
بل لم يعرف الخلاف في ذلك إلّا من سعد بن عبد اللّه ( [3])، حتى أنّ المحقّق الثاني لمّا استوجه المنقول عن سعد- لأنّ كيفيّة العبادة متلقّاة من الشارع و لم يعهد مثل ذلك- قال: «إلّا أنّ الشهرة بين الأصحاب- حتى أنّه لا يعلم قائل بالمنع سوى سعد المذكور- مانعة من المصير إليه» ( [4]).
كما أنّ غيره ممّن عادته تتبّع الخلاف في المسائل و لو نادراً قد اقتصر على نسبة ذلك إلى سعد، فلا يبعد استقرار الكلمة حينئذٍ على الجواز.
و احتجّوا عليه:
1- بعد الأصل.
2- و ما سمعته من إطلاق أدلّة القنوت.
3- و أنّه لا شيء موقّت فيه، بل يكفي فيه ما يجري على اللسان و يقدّره.
4- بصدق اسم الدعاء عليه، فيشمله حينئذٍ كلّ ما دلّ عليه.
5- و مرسل الفقيه عن أبي جعفر (عليه السلام): «لا بأس أن يتكلّم الرجل في صلاة الفريضة بكلّ شيء يناجي به ربّه عزّ و جلّ» ( [5]).
6- و الصادق (عليه السلام): «كلّ ما ناجيت به ربّك في الصلاة فليس بكلام» ( [6]).
7- و صحيح عليّ بن مهزيار: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجل يتكلّم في صلاة الفريضة بكلّ شيء يناجي به ربّه عزّ و جلّ؟
قال: «نعم» ( [7]). و الظاهر أنّه هو الذي أرسله في الفقيه كما سمعت، و قال بعده: «إنّه لو لم يرد هذا الخبر لكنت اجيزه بالخبر الذي روي عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» ( [8]). و النهي عن الدعاء بالفارسيّة في الصلاة غير موجود، و الحمد للّٰه» ( [9]).
و في كشف اللثام: «أنّا لا نعرف لسعد بن عبد اللّه مستنداً إلّا ما في المختلف من أنّه (صلى الله عليه و آله و سلم) لم يتخلّل صلاته دعاء بالفارسيّة