(2) فما عساه يظهر من حواشي الشهيد من أنّه إنّما هو مشروع للصلاة خاصة، و الإعلام تابع و ليس بلازم، لا يخلو من نظر.
قال: «هو عند العامّة من سنن الصلاة و الإعلام بدخول الوقت، و عندنا هو من سنن الصلاة و مقدماتها المستحبّة، و الإعلام تابع و ليس بلازم، و تظهر الفائدة في القضاء و في أذان المرأة، فعلى قولهم لا يؤذّن القاضي [للصلاة] و لا المرأة؛ لأنّه للإعلام، و على قولنا يؤذّنان و تسرّ المرأة به» ( [3]) و هو كما ترى.
نعم لا ارتباط لأحدهما بالآخر، فلا تتوقّف الفائدة المزبورة على تابعيّة الإعلام، و لعلّ مراده الردّ على ما حكاه عن العامّة بعد أن فهم منهم اعتبار الاجتماع فيهما، و إلّا فمن المستبعد إنكاره مشروعيّة الأذان للإعلام مستقلّاً عن الصلاة، مع جريان السيرة القطعية به، و استفادته من المستفيض من النصوص، كصحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «قال رسول اللّٰه (صلى الله عليه و آله و سلم): من أذّن في مصر من أمصار المسلمين [سنّة] وجبت له الجنّة» ( [4]).
و غيره من الأخبار الواردة في مدح المؤذّنين المحرّمة لحومهم على النار ( [5])، السابقين إلى الجنّة ( [6])، بل هم فيها على المسك الأذفر ( [7])، و أنّ من أذّن منهم سبع سنين احتساباً جاء يوم القيامة و لا ذنب له ( [8])، و أنّ للمؤذّن فيما بين الأذان و الإقامة مثل أجر الشهيد المتشحّط ( [9]) بدمه في سبيل اللّٰه، بل المؤذّن المحتسب كالشاهر سيفه في سبيل اللّٰه المقاتل بين الصفّين ( [10]). إلى غير ذلك ممّا جاء في الثواب المعدّ لهم ممّا يبهر العقول، و حملُ ذلك كلّه على مؤذّني الصلاة في الجماعات في المساجد و نحوها لا داعي إليه بل مقطوع بعدمه.
و لقد أجاد العلّامة الطباطبائي في ذكره أحكام كلٍّ من الإعلامي و الصلاتي باستقلاله، فلا يعتبر في الأوّل الاتصال بالصلاة، بل و لا نيّة القربة الصرفة، بل و لا ترك الاجرة على إشكال، و لا اللحن و التغيير في احتمال، و أنّه لا يجوز أن يؤخّر عن أوّل الوقت بخلاف الثاني ... الى أن قال:
فافترق الأمران في الأحكام * * * فرقاً خلا عن وصمة الإبهام ( [11]
)
و قد تسمع فيما يأتي مزيد تحقيق لذلك إن شاء اللّٰه، و اللّٰه الموفّق.