(1) و في صحيح زرارة «يجزيك في الصلاة من الكلام في التوجّه إلى اللّٰه أن تقول: وجّهت- إلى قوله: الأرض- على ملّة إبراهيم حنيفاً ... إلى آخره» ( [2])، و الأمر سهل. لكن عن الطبرسي في الاحتجاج: أنّ محمّد بن عبد اللّه جعفر الحميري كتب إلى صاحب الزمان (عليه السلام) يسأله عن التوجّه للصلاة يقول: على ملّة إبراهيم و دين محمّد (صلى الله عليه و آله و سلم)؟ فإنّ بعض أصحابنا ذكر أنّه إذا قال: على دين محمّد (صلى الله عليه و آله و سلم) فقد أبدع؛ لأنّا لم نجده في شيء من كتب الصلاة خلا حديثاً واحداً في كتاب القاسم بن محمّد عن جدّه الحسن بن راشد أنّ الصادق (عليه السلام) قال للحسن: «كيف تتوجّه؟ فقال: أقول: لبّيك و سعديك، فقال الصادق (عليه السلام): ليس عن هذا أسألك كيف تقول:
وجّهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفاً مسلماً؟ قال الحسن: أقوله، فقال الصادق (عليه السلام): إذا قلت ذلك فقل: على ملّة إبراهيم و دين محمّد (صلى الله عليه و آله و سلم) و منهاج عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) و الائتمام بآل محمّد (عليهم السلام) حنيفاً مسلماً و ما أنا من المشركين، فأجاب (عليه السلام):
التوجّه كلّه ليس بفريضة، و السنّة المؤكّدة فيه- التي هي كالإجماع الذي لا خلاف فيه- وجّهت وجهي للّذي فطر السماوات و الأرض حنيفاً مسلماً على ملّة إبراهيم و دين محمّد (صلى الله عليه و آله و سلم) و هدى عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) و ما أنا من المشركين، إنّ صلاتي و نسكي و محياي و مماتي للّٰه ربّ العالمين لا شريك له و بذلك امرت و أنا من المسلمين، اللّهمّ اجعلني من المسلمين، أعوذ باللّٰه السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم اللّٰه الرحمن الرحيم، ثمّ تقرأ الحمد» ( [3]). و في الحدائق: «قال الفقيه الذي لا يشكّ في علمه: الدين لمحمّد (صلى الله عليه و آله و سلم) و الهداية لعليّ (عليه السلام)؛ لأنّها له (عليه السلام) و في عقبه باقية إلى يوم القيامة، فمن قال كذلك فهو من المهتدين، و من شكّ فلا دين له، و نعوذ باللّٰه من الضلالة بعد الهدى» ( [4]). و في الذكرى: «أنّه قد ورد الدعاء عقيب السادسة بقوله: «يا محسن قد أتاك المسيء، و قد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسيء، و أنت المحسن و أنا المسيء، فصلّ على محمّد و آله، و تجاوز عن قبيح ما تعلم منّي» ( [5])- قال:- و ورد ( [5]) أيضاً أنّه يقول: (رَبِّ اجعَلني مُقِيمَ الصَّلاةِ وَ مِن ذرِّيَّتِي) ( [7]) الآية، و هو حسن» ( [8]).
قلت: و لعلّه [/ استحباب هذا الدعاء عقيب السادسة] المراد لمن عبّر من الأصحاب بأنّ بينها ثلاثة أدعية مع احتمال إرادته من البينيّة التغليب؛ لمعروفيّة التوجّه بعد الأخيرة، فيتّفق الجميع حينئذٍ، خصوصاً و المرسل المزبور لم نعرفه لمن تقدّم على الذكرى.
نعم رواه في كشف اللثام ( [9]) مرسلًا أيضاً، و في جامع المقاصد ( [10]) عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام)، و لم نقف عليه، بل يمكن أن يكون ذلك من كلامه لا من تمام الرواية. و من هنا قد استظهر العلّامة الطباطبائي: أنّ الدعاء المزبور بعد الإقامة قبل الافتتاح ( [11]) كما عن فلاح السائل بسنده عن ابن أبي عمير عن الأزدي عن الصادق (عليه السلام) في حديث: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول لأصحابه: من أقام الصلاة و قال قبل أن يحرم و يكبّر: يا محسن قد أتاك المسيء، و قد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسيء، و أنت المحسن و أنا المسيء، فبحقّ محمّد و آل محمّد صلّ على محمّد و آل محمّد، و تجاوز عن قبيح ما تعلم منّي. فيقول اللّٰه: ملائكتي اشهدوا أنّي قد عفوت عنه و أرضيت عنه أهل تبعاته» ( [12]). لكن لا بأس بالعمل بهما معاً.