3- و احتمال الأوّل الإنكار و النهي عن سبب السجود، و التخصيص بغير العزائم، و بالسماع دون الاستماع، على أن يراد بالنهي حينئذٍ رفع الوجوب.
4- قاصران عن مقاومة ما ذكرنا من وجوه.
و من العجيب نفيه الخلاف [عن عدم الجواز] في التهذيب كما عرفت، و حمله خبر الوجوب بعد ذلك على الاستحباب ( [1]).
اللّهمّ إلّا أن يريد سجوداً آخر غير سجود التلاوة، أو يريد نفي الوجوب من نفي الجواز كما حملوا كلامه في الاستبصار ( [2]) عليه.
فيوافق حينئذٍ من عبّر من الأصحاب بالجواز بناءً على إرادته المعنى الأخصّ منه، كما صرّح به في المبسوط ( [3]) في الحائض و الجنب جمعاً بين النصوص.
و فيه:
1- إنّه لا مقاومة حتى يجمع بذلك.
2- مع أنّه لا تعارض فيما دلّ على وجوبه للجنب.
و لعلّ مراد من عبّر بالجواز من الأصحاب و لم يتبعه بما يعيّن المعنى الأخصّ ما لا ينافي الوجوب ردّاً على القائل بالحرمة من العامّة، كقولهم: يجوز في الأوقات المكروهة.
و يومئ إليه أيضاً استدلالهم عليه بما يقتضي الوجوب، فيكون القول بها حينئذٍ نادراً.
و لذا قال في المنتهى: «لا يفتقر إلى طهارة، بل يجوز السجود للجنب و المحدث و الحائض، و عليه فتوى علمائنا» ( [4]).
بل الظاهر إرادته ما يشمل الوجوب منه. و في التذكرة: أنّه متى جاز وجب أي الواجب ( [5]). بل لعلّ التأمّل الجيّد في كلامهم و في أدلّتهم و في تعبيرهم بالجواز فيما يعلم إرادة الأعمّ من الواجب منه- مقابلًا للعامّة- يقتضي ندرة القول بالجواز بالمعنى الأخصّ أيضاً أي الذي لا يشمل الواجب فضلًا عن الحرمة، و أنّ ذلك إنّما هو للشيخ و بعض من تأخّر عنه.
كما أنّ ما في كتاب أحكام النساء للمفيد من «أنّ من سمع موضع السجود و لم يكن طاهراً أومأ بالسجود إلى القبلة إيماءً» ( [6]) في غاية الندرة و الضعف، إلّا أن يحمل على بعض ما ثبت فيه الإيماء.
و قد خبط بعض الناس ( [7]) فأطنب في المسألة في كتاب الحيض من الطهارة و جعل البحث فيها أوّلًا في الجواز و عدمه، أو التفصيل بين السماع و الاستماع، ثمّ على تقدير الجواز فهل هو على سبيل الوجوب أو الاستحباب، أو يفصّل بين التلاوة و الاستماع فيجب، و بين السماع فيندب، و شوّش نقل عبارات الأصحاب و معاقد إجماعاتهم. مع أنّ الظاهر عدم اختصاص المفروض باعتبار الاستماع أو الاجتزاء به و السماع في الوجوب؛ لما عرفته سابقاً من البحث في ذلك بالنسبة للحائض و غيرها.