]: و المراد بالترتيل: الترسّل و التأنّي بالقراءة بسبب المحافظة على كمال بيان الحروف و الحركات، فيحسن تأليفه حينئذٍ و تنضيده، و يكون كالثغر المرتّل الذي حسن نضده بسبب ما فيه من الفلج حتى شبّه بِنورِ الاقحوان ([1])، بخلاف غير المرتّل من الكلام الذي يشبه في تتابعه الثغر الألصّ ([2]) أو الشِّعر الذي يُهذّ و يُسرع في تأديته، أو الرمل المنثور الذي بعضه على بعض، كالدقل من التمر المتراكم قبل سقوطه أو بعده إذا تساقط متتابعاً [1].
-
(1) و إليه أومأ خبر عبد اللّه بن سليمان أنّه سأل الصادق (عليه السلام) عن قوله عزّ و جل: (وَ رَتِّلِ القُرآنَ تَرتِيلا) ( [3]) فقال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): بيّنه تبياناً، و لا تهذّه هذّ الشعر، و لا تنثره نثر الرمل، و لكن اقرعوا به قلوبكم القاسية، و لا يكن همّ أحدكم آخر السورة» ( [4]).
2- و عن دعائم الإسلام عنه (عليه السلام): «و لا تنثره نثر الدقل، و لا تهذّه هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه، و حرّكوا به القلوب، و لا يكن همّ أحدكم آخر السورة» ( [5]).
3- و عن ابن الأثير: «هذّاً كهذّ الشعر و نثراً كنثر الدقل: أراد لا تسرع فيه كما تسرع في قراءة الشعر، و الهذّ سرعة القطع، و الدقل رديّ التمر، أي كما يتساقط الرطب اليابس من العذق إذا هزّ» ( [6]).
و هو ظاهر في أنّ المراد بالفقرتين معاً الإسراع كما ذكرنا.
و يحتمل حمل «نثر الدقل» في خبر الدعائم على كثرة التأنّي، و الفصل بين الحروف كثيراً، فيكون كالدقل المنثور واحد هنا، و آخر في موضع آخر، بل و «نثر الرمل» في خبر غيره [أي خبر عبد اللّه بن سليمان] على إرادة مدّه مسترسلًا متفاحشاً كالرمل المنثور، فيكون المراد حينئذٍ من كلٍّ من الفقرتين غير الاخرى، و لعلّه إليه أومأ العلّامة الطباطبائي بقوله:
و رتّل القرآن ترتيلًا و لا * * * تهذّه تمدّه ( [7]) مسترسلًا