كما أنّ ما عن بعض معاصريه أيضاً- من تعيّن القراءة للتوقيع الآتي الذي يجب طرحه أو تأويله- كذلك أيضاً. و إن قيل: إنّه ربّما ظهر من عبارة الوسيلة ( [1])، مع أنّ المحكيّ منها ليس بذلك المكان من الظهور، بل لا يخلو من إجمال. نعم حكي عن جملة من الأصحاب تخصيص مورد الإجماع هنا بغير المأموم الذي فيه أقوال شتّى.
و فيه: أنّها ليست في التخيير و التعيين، بل هي بالنسبة إلى الرجحان و عدمه، و إلى وجوب شيء عليه و عدمه، لا أنّه بالنسبة إلى تعيين أحد الفردين، و إن كان قد وقع من بعض من لا يعتدّ بخلافهم من متأخّري المتأخّرين، فمنهم من أوجب القراءة عليه ( [2])، و منهم من أوجب التسبيح ( [3])، و هم محجوجون بهذه الإجماعات و النصوص، كالقائل بعدم وجوب شيء عليه منهما أو حرمته ( [4])، كما أفرغنا البحث في جميع ذلك في باب الجماعة. بل و كذا القائل بتعيّن القراءة في الأخيرتين على الناسي لها في الأوّلتين، مع أنّا لم نتحقّقه؛ لأنّه إنّما حكي عن خلاف الشيخ ( [5])، و المنقول عنه التعبير بلفظ الاحتياط المشعر بالاستحباب الذي حكي التصريح به عنه في المبسوط ( [6]). على أنّ التحقيق خلافهما معاً:
أمّا الثاني فلما ستعرف من أفضليّة التسبيح مطلقاً. و أمّا الأوّل فهو- مع مخالفته لما عرفت من إطلاق المتواتر من الإجماع و النصوص- لا دليل عليه سوى: 1- إطلاق «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» ( [7]) الذي لا ينطبق على تمام الدعوى، و مختصّ بحكم التبادر في الأوّلتين، و بملاحظة المستفيض من النصوص في صورة العمد. 2- و سوى الصحيح: قلت له: رجل نسي القراءة في الأوّلتين و ذكرها في الأخيرتين، فقال: «يقضي القراءة و التكبير و التسبيح الذي فاته في الاوليين في الأخيرتين، و لا شيء عليه» ( [8]).
و هو: أ- مع موافقته للمحكي عن أبي حنيفة ( [9]). ب- و ظهوره في قضاء الفاتحة و السورة و غيرهما المخالف للإجماع كما في الرياض ( [10]). جو في فعل ذلك مستقلّاً عن قراءة الأخيرتين و هو غير المدّعى. د- و معارضته لذلك الإطلاق الدالّ على التخيير الذي هو أرجح منه بوجوه، منها الشهرة العظيمة، بل لعلّها إجماع. هو لخصوص صحيح معاوية بن عمّار ( [11]) الآتي في المسألة الثانية الصريح في الردّ على أبي حنيفة. و- و لخصوص المعتبرة المستفيضة ( [12]) الدالّة على الاجتزاء بالركوع و تكبيرة عن القراءة المنسيّة. لا يليق بالفقيه الركون إليه. 3- و سوى الخبر: قلت له: أسهو عن القراءة في الركعة الاولى، قال: «اقرأ في الثانية، قلت له: أسهو عن الثانية، قال: اقرأ في الثالثة، قلت: أسهو في صلاتي كلّها، قال:
إذا حفظت الركوع و السجود فقد تمّت صلاتك» ( [13]). و هو- مع جريان بعض ما سمعته فيه أيضاً أو جميعه- ضعيف سنداً لا يعوّل عليه في نفسه فضلًا عن مقاومة غيره، و اللّٰه أعلم.