إنّ ظهور الخرس في غيرهما و فيما هو أعمّ منهما مما يعيّن إرادة المعنى من عقد القلب كما سمعته من الشهيد ( [1])، و أنّ المراد إبراز الأخرس هذه المعاني كما يبرز سائر مقاصده بتحريك لسانه و الإشارة بيده، و لعلّ في لفظ الإشارة- في خبر السكوني ( [2])، و عبارات أكثر الأصحاب إن لم يكن جميعهم- إشارة إلى ذلك؛ إذ من المستبعد إرادة مجرّد التعبّد منها، أو خصوص ما يفيد التوحيد من القرآن و الذكر؛ لأنّها إنّما تفعل لإفهامه.
بل قد يتوقّف في وجوب التحريك على الثالث لما عرفت [من شمول أدلّة جواز توهّم القراءة له]، فيكون موضوع كلام الأصحاب الخرس بالمعنيين الأوّلين؛ إذ دعوى عدم وجوب التحريك على الثاني- كما في كشف اللثام ( [3])؛ للأصل و خبر قرب الإسناد السابق- غير مسموعة بعد إطلاق خبر السكوني المعتضد بإمكان جريان قاعدة اليسر فيه أيضاً، فيجب حينئذٍ كما عن الذكرى ( [4]).
و اكتفاء الفاضل في المحكيّ عن تذكرته و نهايته- لجاهل القرآن و الذكر إذا ضاق الوقت أو فقد المرشد- بالقيام قدر الفاتحة ( [5]) لا يستلزم الحكم فيما نحن فيه؛ لعدم صدق الخرس، و لا أنّ المعروف في إبراز مقاصده التحريك و الإشارة، فيكون حينئذٍ هذا التحريك و الإشارة فيه من المهملات و الأفعال العبثيّة، بخلاف محلّ الفرض.
و ما في كشف اللثام أيضاً من أنّ «الواجب إنّما هو التلفّظ بالحروف، و التحريك تابع له في الوجوب لمّا لم يمكن التلفّظ بها بدونه» ( [6]).
يدفعه:
1- إنّه اجتهاد في مقابلة النصّ أوّلًا.
2- و أنّ الممكن منه من القراءة هذا المقدار ثانياً.
و قد عرفت إمكان الفرق بين التحريك بالنسبة إلى الألفاظ و بين المقدّمات الخارجية.
3- على أنّ مثله يرد عليه فيما أوجب فيه التحريك من القسم الثالث من الخرس.
و دعوى أنّ الشارع قد اعتبر القراءة كحديث النفس بتحريك اللسان في اللهوات من غير صوت- في خصوصه، و فيمن يصلّي خلف إمام يتّقيه و لا يأتمّ به- خالية عن الشاهد، بل لعلّ الشاهد بخلافها كما عرفت.
كدعوى دفع إطلاق خبر السكوني بأنّه لا قراءة لهذا الأخرس، بل هي أوضح من [دعوى] الاولى بطلاناً عند التأمّل.
و من ذلك كلّه يعرف ما في كلام جملة من الأصحاب في المقام، خصوصاً كشف اللثام ( [6])، فلاحظ و تأمّل.